أقلام

راتبي لا يساوي شيئا بالمقارنة مع مآسي البلاد/ بيرام الداه اعبيد

 

 

 

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
من بيرام الداه اعبيد إلى عامة وخاصة الموريتانيين وإلى زملائي نواب الجمهورية الاسلامية الموريتانية بصفة أخص.
بلغني أن نوابا في الجمعية الوطنية ومتقلدي مناصب إدارية فيها يفكرون في القيام بحراك أو اتصالات من أجل اقناع محمد ولد عبد العزيز وزمرته الحاكمة بالرجوع عن التعليمات المعطاة لرئاسة الجمعية والقاضية بمنعي من راتبي ومستحقاتي كنائب للشعب الموريتاني في الجمعية الوطنية الموريتانية. وإني لا أرى أن محاولة اقناع رئاسة الجمعية الوطنية بالرجوع عن تنفيذ تعليمات رأس نظام البلاد، القاضية بمنعي من مستحقات مادية، تمثل أية أولوية تذكر مقارنة بالمعضلات الوطنية الجوهرية التي يجب أن تحظى، بصفة جدية واستعجالية، باهتمام السادة النواب لكونها محل التطلعات البارزة للمواطنين الموريتانيين.
فمن أولوية الاولويات بالنسبة للشعب الموريتاني التائه أن يعكف ممثلوه على ما يعانيه من  كساد العملة الوطنية، والارتفاع الفاحش للأسعار، والبطالة القاتلة لأمل الشباب، والافلاس الشامل لمؤسسات الدولة، وهدر الثروات النقدية والمعدنية والسمكية، في جو من حكامة التلصص وخصخصة المال العمومي الذي أضحى مُوَجّهًا، حصريا، إلى جيوب عصابة من زبناء الديكتاتور وأفراد عائلته.
سيداتي، سادتي النواب: يجب عليكم أن لا تتصامموا عن رسالة الأم المكلومة الثكلى هولي صال التي تمثل رأيا عاما قويا وشرعيا، وطنيا ودوليا، لجسامة مسؤولية الدولة والبرلمان الموريتانييْن في نائبة وطنية كبرى راح ضحيتها آلاف الشهداء من أبناء الوطن قتلا للأنفس البريئة، وتهجيرا للمواطنين الآمنين المسالمين، ونهبا للأموال التليدة، ومصادرة للأراضي الأصيلة.
إن عليكم أن تعوا، كممثلين للموريتانيين، أن عشرية حكامة محمد ولد عبد العزيز كرست استهدافه المكشوف لمكونة لحراطين والعبيد الصابرة و الصبورة، استهدافا لفظيا قدحيا في أكثر من مرة، بالإضافة إلى استهدافهم بالإقصاء الاجتماعي والتهميش الاقتصادي والحيف القانوني والتغييب السياسي المتعمد من طرف مفاصل الدولة. كما لا يغيب عنكم، كمراقبين، أن هذا الرجل وحكمه -الزائلين قريبا إن شاء الله- جندا قوى الأمن الموريتانية طيلة العشرية المنصرمة كميليشيات لكسر وإذلال قومية لحراطين في شوارع المدن ومخافر الشرطة بالعنف المفرط المجاني وبالتعذيب الجسدي والنفسي. ولا يساورني أدنى شك أنه لا يخفى عليكم انتشار العبودية التقليدية والحديثة والتمالؤ السافر لرئيس النظام وأعوانه مع مجرمي الرق والأعمال القسرية والتجهيل وانتهاكات حرمة الجسد الآدمي.
وفي الأخير، أعود لأؤكد لكم، السيدات والسادة النواب، أن راتبي ومستحقاتي كنائب أتركها لرئيس الفقراء يسد بها خلته، أو يزيد بها رصيد حرمه وبناته و أبنائه وأصهاره، كما تركت له، من قبلُ، راتبي كموظف للدولة (كاتب ضبط) حين قرر قطعه ظلما وطغيانا ودون أي مبرر قانوني ودون أي تشاور مع وزارة العدل الوصية أو وزارة الوظيفة العمومية المشغلة، بلادة وظنا منه أن هذا الاجراء سيساهم في كبح جماحي عن موالاة المستضعفين والصدع بالحق أمام المتحكم الجائر. وبعد ثمان سنوات من تاريخ ذلك القرار الجائر، المتعسف، الهزيل، كان عليه أن يتساءل، في قرارة نفسه: هل ساهم قطع راتب بيرام الداه سنة 2010 في توقيف او تعثر مسيرته النضالية أو إطفاء جذوة حماسه للقضايا العادلة؟..
والحقيقة التي لا تخفى عليه تكمن في أنه لا ذلك القرار(البائس لأنه يتعلق بفـُـتات الدنيا)، ولا هذا القرار (الحقير لأنه يتعلق بسفاسف الأمور) أثـّـرا على مسيرتي وقناعاتي وعلاقاتي ووزني..فسُخطـًا لمن لا يرى الأمور إلا من زاوية النقود!!.. وشكرًا لكم أنتم سيداتي وسادتي النواب، لكن راتبي لا يساوي شيئا بالمقارنة مع مآسي البلاد.. فلتوجهوا كل اهتماماتكم وانشغالاتكم إلى ما هو أكثر إلحاحا وأجدى لمستقبل السلم والاستقرار والعدل.

بيرام الداه اعبيد
السجن المدني بانواكشوط
13 نوفمبر 2018

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى