أقلام

مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله(الحلقة 55)

 

 

مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله

من القصر إلى الأسر

الحلقة 55

– موجة الجفاف

لايمكن الحديث عن كل هذه الجهود الإقتصادية دون التطرق لموجة الجفاف التي عرفتها البلاد في الثمانينات والتي كانت امتدادا لجفاف منتصف السبعينات وكانت شديدة الوقع على المواطنين، حيث أنهم غالبيتهم في تلك الحقبة مازالت تعتمد على التنمية الحيوانية وبعض الأنشطة الزراعية وقد تفاقمت حالة الجفاف هذه بشكل غير مسبوق في عام 1983 مما جعل البلاد على حافة كارثة كبرى

شكلت جهود التصدي لهذا الوضع الخطير أهم توجه لخططنا، وقد كانت بداية علمي بالمستوى الخطيرالذي آلت إليه الأوضاع حين وصلتنا أخبار تفيد بأن أعدادا كبيرة من المنمين من مختلف الولايات تحمعوا بمواشيهم في منطقة “واد كنتي” قرب ألاك عاصمة ولاية لبراكنة التي كانت المنطقة الوحيدة التي نالت قسطا معقولا من الأمطار لكن كثرة الأعداد التي توافدت عليها من المراشي شكلت ضغطا قويا على مافيها من مراعي، فقمت بزيارة لعين المكان واطلعت على حقيقة الوضع عن قرب وأدركت أن الوضع سيتطور سريعا نحو الأسوء إن لم تتدخل الدولة بخطة إغاثة عاجلة تبدأ بإيصال مساعدات للمنمين وحفر آبار في المناطق التي تشكو شحا في المياه، وقد استطعنا تأمين هذه المساعدات بما كان لدى مفوضية الأمن الغذائي من مخزون من المواد الإستهلاكية، كما كان لدى سونمكس مخزون كبير من المواد الغذائية التي لم تعد صالحة للإستهلاك البشري وزعناه على المنمين علفا لمواشيهم، والطريف أننا لما أخرجناها وجدنا كميات كبيرة منها مازالت صلاحيتها قائمة ، وقد أضيفت إلى المخزون المنتهي الصلاحية ليسهل التحايل عليها، كما حصلنا على مساعدات من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن التقيت بسفيريهما وأطلعتهما على الكارثة التي تهدد البلاد

وهكذا كنا نوصل هذه المساعدات إلى المتضررين الذين كانوا يطلقون عليها ( الإسعافات) كما كنا ننقل المنمين الذين تقطعت بهم السبل وضعفت مواشيهم عن الحركة إلى منطقة ” العطف” وهي منطقة بها غابات ومراعي خصبة تشكل خزانا رعويا لولايات كوركول ولعصابة ولبراكنه وكيدي ماغا،إلا أنها تعاني شحا شديدا في المياه فحفرنا فيها آبارا حدت من هذا المشكل كنت أنا والوزراء والولاة وخاصة وزير التنمية الريفية محمد ول أعمر نواكب المتضررين خلال هذا الترحال، ونحمل معهم مواشيهم وقد تدخلنا كذالك في المناطق الشرقية حيث تجمع المنمون من منطقة الحوضين في منطقة واحدة مما أدى إلى نفاد العشب ونفقت الحيوانات، لدرجة حدوث أزمة حادة في الملابس والطعام
وفي سنة 1984 بعد أن رأينا حجم الضرر الذي ألحقه الجفاف باقتصادنا تبنينا خطة تقشف أساسها ترشيد النفقات ، وعدم استيراد أي مواد تنتج في بلادنا ، واصدرنا أوامر للتجار بعدم استيراد المواد ذات الطبيعة الكمالية

يتواصل….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى