أقلام

مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله(الحلقة 35)

 

 

مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله

من القصر إلى الأسر

الحلقة 35

… وكما اقتنع هذا الضابط بجدية أوامر المصطفى بتجهيز الصهاريج، فقد اقتنع بقصة الهجمات الوشيكة للبوليزاريو، ولذالك طلب من مولاي ولد بوخريص إرسال وحدة من الواحدات التي تحت قيادته في أطار لتعزيز الوحدات التي تحت قيادتي أنا في ازويرات، وقد وصلت أوامره إلى مولاي قبل اوصولي أنا وجدو إليه، ولذالك بادر بإرسال أعلي ولد محمدفال على رأس وحدة من وحداته إلى ازويرات، ولم أعلم أنا بالأمر إلا بعد أن وصلت الوحدة إلى شوم ، فرفضت استقبالها، واتصلت بالضابط الفرنسي وسألته عن سبب إرسالها إلي مع أنني لم أطلبها، فأجابني بأنهم أرتأو ذالك فجددت رفضي لاستقبالها مبررا ذالك بعدم حاجتي إليها، بل إن القطاع الذي غادرته أشد حاجة ، وهو ما أقره ، فقلت له إذا لن استقبلها فإما أن تعود لأطار أو توقفوها حيث هي في شوم، واعترف أنه رغم الأسباب الموضوعية الوجيهة التي سقتها لتبرير قراري فإن السبب الحقيقي أن هذه الوحدة يراد بها هي وبقية القوات الموجودة في أطار تحت إمرة مولاي ولد بوخريص أن تتجه إلى نواكشوط لتعزيز القوات التي لدينا إذاما أرادت قطاعات أخرى من الجيش التدخل لصالح النظام

وفي صبيحة الإجتماع سالف الذكر استقللت أنا وجدو الطائرة متوجهين إلى الشمال، وأمامنا محطات ثلاث، حيث سنمر بمولاي ولد بوخريص في أطار لنخبره بآخر فصول التخطيط للإنقلاب التي رسمناها في الساعات الأخيرة من الليلة السابقة، ومن ثم نتوجه إلى مقر قطاع آوسرد الموجودة أنذاك في ” تشله” قرب سكة الحديد، -كما أشرت سابقا- لأسلم قيادتها لجدو ولد السالك، ثم أتوجه إلى ازويرات لتسلم قيادتها من حمود ولد الناجي، وقد نزلنا أولا في أطار وأبلغنا مولاي بالخطط التي تم اعتمادها، ومن أطار توجهنا إلى إينال ومنه سافرنا برا إلى تشله التي لم يكن يوجد بها مهبط طائرات، وهناك سلمت العمل لجدو بعدما أعلمت بعض الضباط الذين كانوا يعملون تحت إمرتي في تشله بطريقة توحي بأن جدو يمكن أن يقود هذه القوة للمشاركة في تنفيذ انقلاب يحضرله الجيش ضد النظام طالبا منهم أن يساعدوه في ذالك ، وكان غرضي من إعلامهم أن يكونوا على علم بالأمر قبل أوقوعه ليزداد حماسهم للمشاركة ، ومن هاؤلاء الضباط جوب عبدالله ، وكمرا جيابي

وبعدما سلمت قيادة قطاع آوسرد لجدو أتجهت إلى ازويرات ، وحين دخلنا أجواء المطار وجدنا الجو غائما، فطلب منا برج المراقبة التوجه نحو مطار الداخلة، فهَم الطيار بالإستجابة لذالك أوالبقاء في الأجواء ريثما ينقشع الغمام ، لكنني أمرته بالهبوط لأن الوقت لم يعد لصالحي ، حيث موعد تنفيذ الإنقلاب على بعد ساعات، وأنا مازال أمامي تسلم القيادة من حمود، الإطلاع على وضعية قواتي،، بالإضافة إلى وضع الخطة التي سأتعامل بها مع القوات المغربية إن هي همت بالتحرك، و أمام إصراري على الهبوط قال لي الطيار إنه سيفعل ذالك على مسؤوليتي ، فبذل جهدا كبيرا حتى تمكنا أخيرا من الهبوط بسلام، وعند ذالك توجهت رأسا إلى حمود في مكتبه لأتسلم منه العمل ولأن الوقت في ذالك الموقف كان بالنسبة لي أغلى من الذهب فلم أشأ أن أضيع منه ثانية واحدة في مراسيم التسلم التقليدية العادية ، فقلت لحمود أني أعرف كل شيئ عن الوحدات لأني سبقت لي قيادتها عدة مرات، وأن كل ما عليه أن يبلغهم أني عينت خلفا له ،ففعل ذالك بسرعة دون أن يلفت انتباهه أن إجراء غير طبيعي كهذا يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة، والأغرب من ذالك أنه لم ينتبه لتصرف آخر قمت به أمامه في نفس الليلة ، فقد دعاني وإياه محمد السالك ولد هيين مدير شركة اسنيم للعشاء معه في منزله، غير أني كنت أضطر للخروج عنهم لأستطلع أخبار الأنقلاب، حتى أني استأذنت منهما وخرجت ولم أعد ،بعد أن أبلغت أن الإنقلاب لم يتم، حيث انشغلت باستطلاع حقيقة ماجرى، والتأهب لما قد يقع إذاما تبين أن الإنقلاب قد فشل بصورة نهائية، والطريف أن حمود الذي لم تثر حركاتي غير الطبيعية انتباهه تذكر ذالك بعد نجاح الإنقلاب، فقال لي “الآن فهمت سبب خروجك عنا في تلك الليلة” فأجبته لقدفهمت الأمر متأخرا

يتواصل….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى