أقلام

هل يدفع النظام ثمن الجمع بين النقيضين ؟ / بقلم د.أمم ولد عبد الل

 

بدا واضحا أن أغلبية الرئيس لا يمكنها التعامل مع منطق المعارضة الراديكالية التي أدخلها رئيس الجمهورية  لأغلبيته؛ سعيامنه  لامتصاص غضب الشارع؛ في محاولة للعمل في صمت بعيدا عن ضجيج المهرجانات الكرنيفالية التي غالبا ما أزعجت معظم الرؤساء السابقين.

والواضح أن استخدام فزاعة الأمن للتشويش على الصمت الذي أراده ولد الشيخ الغزواني؛ ليس سوى إرهاصات لأجندات غير تقليدية.فالأمر بالنسبة للأغلبية فيه رسائل واضحة لفخامة الرئيس بدت خيوطها تتكشف من خلال الدعاية العلنية للانقلابات.

فليس اعتباطا أن يُغتال أستاذ بطريقة فظيعة؛ ولايمكن ان يحدث من باب الصدفة استهداف أرملة وسرقتها واغتصابها أمام صغارها بطريقة بشعة؛ وفي نفس المقاطعة.وبالتزامن مع كل هذا ؛ وعلى غير العادة؛ يكسر الجنرال المتقاعد ولد معييف جدار الصمت لمطالبة الرئيس بالاستقالة .وفي هذا  السياق المتأجج؛ تخرج مظاهرات محسوبة على جهة بعينها للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية.

فزاعة الأمن؛ إذن؛ أصبحت تُستغل من قبل نقيضين لم تستطع مصالحهما الجمع بينهما؛ ما يعني بالضرورة أن فخامة الرئيس يواجه تحديا حقيقيا في الجمع بين أغلبيته ومعارضة لم يعد استيعابها أهم وسيلة لتهدئة الشارع  في ظل الضربات تحت الهزام التي تهدد رأس النظام وبشكل مباشر؛ رغم كونها موجهة  من أقرب المقربين إليه .

هذه التجاذبات المتوترة؛ انعكست بشكل مباشر على الرأي العالم الذي انخرط في دعايات إعلامية؛ تصب الزيت على النار وتروج لعجز مسؤولين كبار عن أداء مهامهم. وفي الوجه الآخر لتلك الدعاية ظهر قادة حزب ال: UPR في صور على موائد فاخرة .توحي بأن النظام غير مكترث للمشاكل  الأمنية التي تهدد كل بيت في العاصمة.

لم تجد الرسائل المطمئنة التي بعث بهآ الرئيس لأغلبيته؛ فإعادة تدويرها في المناصب لم يعد أولوية بالنسبة لها ..فهي بهذا التصعيد تسعى لقلب الطاولة لإخراج المنافسين التقليديين من المشهد؛ الذين يمكن أن يشكلوا نواة لفتح ملفات تتعلق بمحاسبة المفسدين؛ وهو أمر لا تطيقه الأغلبية بحكم تاريخها.

لقد أدى التنافر بين الزوايا الثلاث المكونة للمشهد الموريتاني؛ لحالة من الاحتقان التي يبدو أنها آخذة في التصعيد.

فغالبية الشعب مستاءة من إعادة تدوير المفسدين وانتشار الجريمة؛ في حين تسعى الأغلبية السياسية للحفاظ على امتيازاتها التقليدية؛ حتى ولو كلف الأمر البحث عن رؤس جديدة لنظام جديد. وفي المقابل تحاول المعارضة التقليدية أن تمسك بخيوط اللعبة عبر التأهب لعملية قفز محتملة يتم التحضير لها بتأجيج الشارع ودغدغة مشاعره الدينية.

ثمة من يرى أن صناعة التأزيم ليست سوى محاولة لإقناع الشركاء الدوليين بتقبل خطوات شبيهة بتلك التي حدثت  في العام  2008 .

والحق أن فخامة الرئيس مازال ممسكا بجميع خيوط اللعبة؛ لكن قدرته على الجمع بين المتناقضات هي المحدد الرئيسي لما ستؤول إليه الأوضاع في موريتانيا في المنظور  القريب جدا.

فهل سيفاجئ الرئيس الجميع بخطوة حاسمة تفرض منطق الدولة بالقوة؟ أم أنه سيستهويه الجمع بين نقيضين لايبديان استعدادا للتنازل عن مصالحهما الضيقة؛ مهما كانت النتائج المترتبة على ذلك؟ . وهو أمر سيكلفه ثمنا غاليا في ظل وضع كهذا!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى