أقلام

الجريمة.. ظاهرة مجتمعية / د.محمدعالي الهاشمي

 

 

«لو كان الفقر رجلا لقتلته » قول مأثور للإمام علي بن أبي طالب، ولكن هل يصبح الفقر مدخلا للجريمة ؟ فالظاهرة التي باتت أكثر انتشارا في بلادناأخذت مسارا مختلفا يربك المجتمع، فأطلت البطالة بوجهها الكالح وتمددت أثارها لتضم في ثناياها قطاعا واسعا من الشباب المتعلم ومعظمه من خريجي الجامعات، وأخذت تشكل مع الفقر بجانب الفراغ مثلثا خطيرا ومرعبا في المجتمع. وتنامت جرائم السرقة والاعتداء بالأسلحة النارية والبيضاء في الشوارع، والتجمعات السكنية ذات الكثافة العالية.

بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية نتيجة التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد مع تضاؤل فرص العمل وغول الغلاء الذي يلتهم القليل من الموارد المالية المتوفرة، وفي الوقت نفسه تراجع اهتمام الدوله لمحاربة  الانفلات الأمني في المجتمع، الناتج عن الجرائم المتعددة كالسرقة والاعتداء على حياة الأفراد وممتلكاتهم والبلطجة، بسبب التركيز على مكافحة الجريمة المنظمة والجماعات الارهابية والحركات التي تحمل السلاح لمحاربة الدولة نفسها.

واصبح المجتمع يشهد امراضا نفسية تأتي كإفراز طبيعي لحالات البؤس الناتجة عن الضغوط الحياتية ،وهناك أمراض انفصام الشخصية الناتجة عن حالة الارباك التي يعيشها الفرد بين اوضاعه المالية ومعاناته من غربته داخل وطنه.

وعليه فإن المجرم قد يكون غير قادر على التمييز بين الخطأ والصواب والخير والشر. ما يجعل معظم الجرائم، تأتي من متلازمات الحياة التي يعيشها في ظل الفقر والبطالة وانفصام الشخصية والغربة عن المجتمع وانعدام التوجيه الاخلاقي وغياب الوازع الديني وجميعها تعتبر الوقود الحقيقي الارتكاب الجريمه.

قانونيا واجتماعيًا ، فإن الجريمة لا يمكن تبريرها، حتى وإن ارتكبت بمقابل جريمة، أو نتيجة للحاجة، أو لأية اسباب اخرى، واضافة الى ما نصت عليه شرائع الاديان كلها، عرف الانسان «شريعة حمورابي»، التي تعد أول قانون وضعي إنساني، يعرّف الجريمة، ويضع العقوبة التي تقابلها،وانتشار الجريمة وأسباب زيادة معدلاتها، فذلك لا يعني التهوين من الفعل الجنائي.

ولأن الجرائم كارثة مجتمعية وقودها دوافع نفسية يعززها الفقر والبطالة.

ومن أهم أسباب ارتفاع نسبها في بلادنا،ضعف تطبيق القانون، والوضع الامني المتردي، والافلات من العقاب،وبالطبع الفقر والبطالة.والكثير منها قد لا تكتشف، أو لا يتم الابلاغ عنها، او لا تصل الى القضاء، وأخرى تتم تغطيتها اسريا وسياسيا، والمؤشرات تدل ان نسبتها مرتفعه جدا في بلادنا

قانونيا  لا توجد أسباب تبرر ارتكاب الجريمة، لذا لابد من ان ينال مرتكبها العقاب الذي يستحق وبعدالة، ويبقى الفقر والبطالة من أسبابها ، والقضاء عليهما مسؤولية الدولة.

ورغم ان بعض علماء الجريمة أرجعوها الى أسباب فطرية ،الا ان ذلك غير منطقي وتم دحضه من علماء،اذ لا يوجد انسان بطبعه وفطرته مجرما بل الظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية.تجعله كذلك.

وأكثر الجرائم شيوعا في مجتمعنا ،السرقه كانت سابقا ، واليوم أنواع الجرائم وأشكالها القتل والسرقة هم الاكثر شيوعا، بجانب الاغتصاب، الدعارة، الخطف، التحرش، الاتجار بالبشر وبنسب متفاوته.

وقد انتشرت جرائم المخدرات في الوقت الحالي، ولم تكن معهودة في السابق، وهي دخيلة على مجتمعنا الموريتاني، نتيجة الانفتاح والعولمة والسياحة والتجارة المتبادلة بين دول الجوار والعالم، وتستهدف فئات الشباب من الجنسين في سن مبكرة، وظهرت الجريمة الإلكترونية، وهي اخطر الجرائم وجرائم الرشوة والاختلاس وإساءة استغلال الوظيفة، والجرائم السياسيه الناتجه عن استعطاف الشعوب او شحن العنصري لخلق مشاكل امنيه الاضعاف النظام رغم ان البلاد تعيش ظروف سياسيه مستقره مما يقلل من احتمالية انتشار الجريمه والجرائم التي انتشرت هذه الايام اغلبها وافده وابطالها اجانب حسب قراءتي للاحداث

الا ان دوافع جريمة القتل تتمثل في قلة الوازع الديني في النفوس والجهل بالحكم الشرعي للجريمة، والتسرب المدرسي المبكر ، وأيضا في سوء التربية الاجتماعية. وتلك الدوافع لا بد من ايجاد أساليب علمية تهدف للتقليل منها وفي مقدمتها معالجة السلوك الخطأ، وتقويم سلوك المجتمع وتربية الأفراد بشكل سليم وسوي من اجل التغلب على أي انحراف.

ونظرة الإسلام إلى القاتل على أنه منحرف ابتعد عن طريق الصواب، الا انه يبقى إنسانا له كافة الحقوق والحرية ليدافع عن نفسه، وان يحاكم بشكل عادل وينال العقاب العادل، وحتى في حالة عقابه فيجب الا ان ينتقص ذلك من حقوقه شيئاً.

وفي الاخير فان تراجع التعليم وغياب دور الاسرة وعدم قيام الإعلام بدوره يزيد في انتشار الجريمه وتطويرها

وأمل الشعب معلق بيد الحكومة .على الحكومة الأخذ بالأسباب الوقائية والعلاجية والعقابية بكل جدية للحد من انتشار الجريمة في المجتمع .. ومن أهم العوامل الوقائية التربية الدينية ….والأسرية والمدرسية . لازال هنالك عجز في توظيف طاقات الشباب في المجتمع. ويجاد مشاريع استثمارية توظفهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى