أثارت الفتوى التي نشرها الشيخ الفاضل محمد الأمين الشاه بخصوص عدم اشتراط الولي في النكاح نقعا وكأننا أحيانا ب”يوم الشعمثين” “فلولا الريح أسمع من بحجر” لكن أغلب ذلك لم يلبس لبوس العلم ولم يسلك مهيعه الوضاء .وإن كان البعض آوى إلى ركن شديد من الدليل تأييدا أو مخالفة للفتوى وحيث أنني عقبت عليها سابقا بما ينبغي أن يكون سبيل الحوار أختم تلك الملاحظات بأخواتها : الشيخ محمد الأمين باحث ممتاز وفقيه يحترق قلبه لما يرى أحيانا من الجمود الفقهي ومن التشبث بأقوال يرى أن غيرها أولى وأقوم من حيث الدليل والمناسبة للظرف الزمني مما فيه مجال للاجتهاد والترجيح وفق القواعد الشرعية.. وليس وحده في ذلك فهي سبيل كثير من العلماء والفقهاء في هذا البلد وقد قدم نتيجة لبحث علمي سرد فيه أقوال العلماء سواء أولئك الذين اقتدى بهم أو الذين خالفهم ولم يرجح العمل بقولهم ومن هنا فالحوار العلمي معه يكون وفق نفس الأدوات بالأدلة العلمية ومقارنتها واتباع الطرق المعروفة في الشرع لتبيين الأقوال فهو لم يكتب تدوينة عابرة من سطرين أو نطق كلاما عابرا لا مستند له ولم يأت بمنكر من القول وزور أو قول شاذ إنما رجح العمل بقول يقابله قول الجمهور بعد أن سرد أدلة القائلين بخلافه وهذه تحمد للشيخ وتذكر فتشكر.. اتفقنا أو اختلفنا مع الفتوى ففي نهاية المطاف الحوار يتحرك وفق دائرة “الصلاح والأصلح” والدليل “القوي والأقوى” حسب الأدلة الشرعية والمصلحة المتحققة وليس بين الحق والباطل. طفق البعض ينتقد بشكل ساخر وينتقص ويشخصن الموضوع في أسلوب قابله بعضهم بتدوينات ” اتحمجي” للشيخ والحقيقة أن الشيخ حسب معرفتي الخاصة به لم يكتب البحث لينال رضى أي من الناس أو ليغاضب أيا ومن هنا فلن يزعجه مافعل المنزعجون ولن يعجبه ما فعل المعجبون مادام الأمر خارج سياق النقاش العلمي الرصين ..والمؤسف أن ينحو البعض منحى مثيرا ويستدعي حساسيات اجتماعية لا دخل لها في الموضوع الشرعي وكأن مناقشة أحكام الشرع مثل مناقشة ” تغيير العلم” وتغيير الدستور” تتطلب رأي كل أحد وقد تعود بعضنا حشر ما أمكن من أسطوانة الأعراق والأنساب وعند التأمل سيجد أولئك أن فتاوى سابقة أثارت ضجة كبيرة ولم تشفع لها تلك الحساسيات التي يتأبطونها الآن تأبط الثكلى لوجعها ( فتوى بيع الذنوب..والزواج بالجنيات” وقس مالم يقل ) فتحصل أن ذلك الاستدعاء في غير محله وأنه جزء من تفكير يسقطه بعضنا متى أراد ويستخدمه حجة حينما تكون حججه مناط الثريا أو يرى أن ” خرط القتاد” يفصله عن نقاشها نقاشا علميا وشرعيا .ودين الله تعالى للجميع وليس حكرا على طائفة أو فئة ومن ظن ذلك أو توهمه فقد ضل ضلالا مبينا وحجر واسعا وقال على الله بغير علم.. واتبع هواه بغير هدى من الله. .ولهؤلاء نقول هذه أحكام الله تعالى وليست للتلاعب والتنابز ولمناقشتها أسلوب خاص ومنهج خاص ولغة خاصة وليست فوضى ولا مستنقعا “للقيل والقال ” ولا مكانا لوجهات النظر فالطامة الكبرى أن تجد أحدهم يقول في حكم شرعي ” وجهة نظري” وما درى أن هذا دين وعبادة. لاضربة جزاء موفقة أو غير موفقة من هذا اللاعب أوذك. هلل البعض للفتوى باعتبارها تنصف المرأة وتخرجها من دائرة”الفتوى الذكورية” ولم ينتبه هؤلاء تحت تأثير النشوة أن فتوى الشيخ تضمنت ذلك القول” الذكوري” وأدلته من الكتاب والسنة وأقوال العلماء فالشيخ يعرفه كما يعرف العلماء الذين لايرون هذا القول الأقوال التي ذكر الشيخ .ومع ذلك لم ينتقص الشيخ أقوالهم بل رأى أن الفتوى المقابلة أنسب لمقتضيات معينة ..والحقيقة أن مثل هذا التصور خطير جدا إذ أنه ينتقص ما ورد في الأحاديث النبوية وحتى لو كانت ضعيفة فقد حسنها بعضهم لغيرها فهي منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم ولو علم الشيخ وغيره من الفقهاء أنها ” موضوعة” لماجاز لهم نسبتها أبدا للنبي صلى الله عليه وسلم لذلك فالتنقيص من مضمونها فيه اتهام صارخ للجناب النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام بالانحياز للرجل .. وفيه اتهام بعض الصحابة وطائفة جمهور الأمة بمثل هذه الأمور.. فهو سهل على اللسان خفيف في الميزان تحت تأثير الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يعانيها البلد اعتبر غير واحد أن الحديث في مثل هذه الأمور غير وارد وأن الحديث والحوار ينبغي أن يتمحص ويتمحض لمعاناة المواطنين وأن إشغال الناس بمثل هذه الفرعيات لاطائل من ورائه. والواقع أن هذا الكلام يؤخذ منه ويرد.. فليس في الشرع ما لا ينبغي نقاشه أو تعلمه وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتعلمون ويعلمون “حتى كيف يأتي أحدنا الغائط” في الوقت ذاته ينشرون الدين والعلم.. ولعل مراد هؤلاء أن بعض الفقهاء يخصصون وقتهم كله لمثل هذه الجزئيات ويعتبرونه وحده الشرع ويغفلون غيرها من القضايا الكبرى ويسكتون عن الأمور المهمة وهذ ه صراحة ملاحظة في محلها لا شية فيها ولا دخن