سيد عبد الله الحارث |
نظرا لأهمية ديوان الشاعر الموريتاني محمد ولد أبن احميدن الشقروي ، سواء من الناحية التاريخية أوالأدبية أوالمنهجية فإننا نعطي لمحة يسيرة عنه للقارئ الكريم تعرفه به وما نظننا إلا مغامرين .
انتهج الدكتور أحمد ولد حبيب الله في تحقيقه للديوان المذكور أعلاه المنهج التاريخي المعروف فبدأ في جمعه فيما بين 1986 ـ 1989م و حققه تحقيقا علميا وافيا شاملا إبان تخرجه من جامعة القاهرة وجاء هذا التحقيق في مجلدين عدد صفحاتهما 1115 صفحة . المجلد الأول اشتمل على مقدمة و تمهيد و خمسة فصول و خاتمة البحث : المقدمة : جاءت في ثمان صفحات تحدث فيها عن دواعي الاختيار وعمله في البحث دون أن يذكر الصعوبات التي واجهته مكتفيا بهذه العبارة التي حلت محل قصيدة عصماء “و أما الصعوبات التي تلقيناها في سبيل هذا البحث فلن نذكرها لأنها محسوسة من نبض البحث ”
التمهيد : و هو عن حياة المجتمع الموريتاني في النصف الأول من القرن العشرين مستعرضا فيه تاريخ البلاد منذ نشأتها مرورا بعهد المرابطين إلى مجيئ المستعمر مبينا الحالة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية والفكرية ويقع هذا الركن في 58 صفحة . الفصل الأول :. مصادر شعر الشاعر محمد ولد أبنو و قيمتها التاريخية ويقع في 37 صفحة . الفصل الثاني : بئة الشاعر الخاصة و يعني بها بئته الطبيعية والجهوية والقبلية مفصلا القول في ذلك لا سيما عن قبيلة الشاعر إداشغره عن أصولها و نشأتها وعاداتها و تقاليدها وعن مكانتها العلمية و دورها في الحياة الثقافية في البلاد مؤكدا نسبتها إلى قبائل أولاد الشريف بو بزول ,كما تعرض لعلاقتها بقبيلة إيدابلحسن بالتفصيل ذاكرا الروابط التاريخية و الجغرافية و الثقافية التي تربطهما و ذلك في فقرة عنونها ب : إداشغره و إيدابلحسن الوحدة و الاجتماعية و العلاقات التاريخية . و يقع هذا الفصل في 63 صفحة . االفصل الثالث : حياة الشاعر و فنه و يقع في 123 صفحة بسط فيها القول عن حياة الشاعر من المهد إلى اللحد و استعرض فيها فنه استعراض البصير الحاذق .
لفصل الرابع : أغراض شعره و يقع في 160 صفحة . الفصل الخامس : خصائص شعره الفنية و يقع في 74 صفحة و هو أشبه بالدراسة النقدية حيث تطرق فيها لأغراض شعره بما فيها الشاي الذي أفرد له ملفا خاصا به منذ ظهوره في البلاد الموريتانية إلى الخلاف الفقهي الذي دار حول حليته بين علماء البلاد إلى أنواع الشاي التي كانت في عهد الشاعر و حصرها في عشرة أنواع سماها واحدة واحدة مثل الحجيجية . . . . إلخ . ثم تطرق إلى كيفية صنعه عند الموريتانيين بالتفصيل الدقيق . الخاتمة : و جاءت في 4 صفحات أجمل فيها ما تقدم . المجلد الثاني جاءت فيه نصوص الديوان محققة في 3440 بيتا من شعره الفصيح شارحا ما غمض من ألفاظها ذاكر الجو الذي أنتج فيه النص إلا ما لم يجد عنه شيئا مرتبا قصائده حسب الروي بدء بالهمزة و انتهاء بالياء هذا مع شعره الشعبي الذي جمعه فكان 4000 تافلويت لكنه لم يدرجه ضمن الرسالة لطوله .
و قد زوده بملاحق في غاية الأهمية منها النصوص التي عارضها الشاعر كقصائد محمد الحسن و المصباح ابني الشيخ حبيب الله التاكنيتيين و قصيدة محمدو النانه ولد المعلى و غيرها… إلخ و وثائق أخرى نادرة سيجدها مطالع الديوان مثل القصائد التي كتبها الشاعر بخطه أو ما كتبه بعض رواة شعره مثل الراوية و الأديب محمد بن عبد الجليل (ت 1428هـ/2007م) و الأستاذ عبد الله بن الغزالي (ت1436هـ/2015م) و غيرها من المخطوطات النادرة . وحسب علمنا فهذا التحقيق لم نطلع على مثيل له قط ـ و لا ندعي الإحاطة ـ فقد أشبع محققه موضوعاته بحثا و تحقيقا رغم صعوبة الظرفية الزمانية و المكانية التي حقق فيها الديوان و وفق في تقريبه للمتلقي تقريبا عجيبا فكانت أفكاره متسلسلة واضحة لا غموض فيها منسابة انسيابا عجيبا بلغة السهل الممتنع التي لا تكلف فيها و لا تعسف و لا إسفاف بل لغة راقية رصينة. ويعد هذا الديوان هو أول سجل تاريخي للقبيلة ـ حسب علمنا ـ و إن لم يكن ذلك قصده محققه لكن الشاعر جزء من القبيلة فتاريخه تاريخها فاستلزم الحديث عن حياته الحديث عن القبيلة و أصولها و أيامها و أنسابها حتى غدا بذلك المرجع العلمي الأول في تاريخ الشقرويين .
و على أي حال فمزايا هذا الكتاب (التحقيق) و قيمته العلمية لا تحيط بها عجالة راكب فالحقيقة أنه لا غنى لأي باحث عنه و على جميع الطلبة في المرحلة الجامعية مهما كان تخصصهم اقتناؤه و اصطحابه لأن منهجيته في البحث و الترتيب ستفيد كل مؤلف,و ما عليك القارئ و الطالب إلا أن تتأبط منه نسخة في حلك و ترحلاك وستجده نعم الجليس و الصاحب,و سيبعث لك محمدا من مرقده و يتركك تعيش معه أسعد اللحظات و أمتع الأوقات.