أقلام

حنفي دهاه يكتب عن نظام غزواني /إنما تبول الثعالب على الخيزران.!

 

يحار الخرّيت في مَهامِه النظام الجديد، فيعرف منه ينكر، و يعلم و يجهل، فلا هو نظام إصلاح يتوخى الأفضل للبلاد، فينتدب لإدارة الشأن العام من ذوي الكفاءة كل نَدب عفيف الكف، ليس في ماضيه ما يندى له جبين أو تطرف به عين. و لا هو -حتى الآن- نظام فساد، تدار فيه راح الامتيازات غير المستحقة على شَرْب من أقارب الرئيس و المقرّبين منه، و تصبَن فيه الكأس عن كل من تعلّم يوماً أن يهز رأسه عرضاً أمام ولي الأمر.

كل الفاسدين و لصوص المال العام اندمجوا في جوقة الببغاوات، فتعالت في السيرك حركات قرود الشامبانزي الناشزة عن معزوفات المايسترو في حملته الانتخابية، ليتبيّن أننا كنا نسبأُ منه خمرة وعود و أمانٍ مغشوشة، ما إن نسكر بها حتى نصحو على كرابيج الواقع تأكل من أجسادنا الهزيلة لقمتها الأولى.

‎الرجل ضعيف حد الهشاشة حين يتعلق الأمر بولد العزيز و فساده، حتى ليكاد ينهدم و هو يتوكأ منه على موقف حازم:

‎الرئيس السابق يرعد و يبرق، و يهدد بحجامة القُراد.. و ولد بامبي يتوعد بنشر فيديو إباحي لـ “رئيس الجمهورية” فلا تنتطح في الأمر شاتان.

‎لقد ذل من بالت عليه الثعالب.!

‎هل بلغ الهوان برئيس الدولة أن يتم تهديده، في الصاعدة و النازلة، من طرف الجنرال الأرعن و أبناء عمومته، و اقتحام حياته الخاصة و التشهير بها في وسائل التواصل الاجتماعية، ثم لا يطبق الرجل عليهم الأخشبين.

‎إنه لا فائدة ترجى من دولة لا تحمي خصوصيات أبنائها، و لا تحظر انتهاك حياتهم الخاصة، فما بالك برئيسها، الذي كان ليّنا فعُصِر..!

‎إن كانت تهديدات ولد بامبي لولد الغزواني التي ملأ بها سمع وسائل التواصل و بصرها نفخاً في غير ضرم، فقد فتّ بها في أعضاد المواطنين، و أساء للدولة بإسائته لرئيسها، و إن كان صحيحاً فهو تتبع للعورات و اقتحام للحياة الخاصة.. و إنه لأمرٌ ما غاب عنه ولد عبد العزيز و احميده ولد اباه.

‎قد قيل ما قيل إن صدقاً و إن كذباً.

‎و لكن الرجل يستحيل أسداً ذا لِبد حين يتعلق الأمر بأصحاب الرأي، الخارج عن تواضعات القطيع..

‎لقد استغل ولد العزيز الدين و رجاله في مآربه الخاصة، تماما كما درج على ذلك سلفه ولد الطائع، فجعل منه عصا نظامه و جزرته.. و يبدو أن الرئيس الدرويش، ذي الخلفة الملتفعة في شملة صوف، يريد أن يجعل من نفسه حامياً للفكر الديني المحافظ، الذي يحاسب العقل و يصادر المادة الرمادية، و يستأصل شافة التفكير.

‎لماذا يسرق ولد عبد العزيز قوتنا و قوّتنا، و ينهب ولد اجاي و ولد عبد الفتاح و يحي ولد حدمين ثرواتنا، و يجرد سيدي ولد التاه و ولد وداعة البلاد من خيراتها كما يلتحى العود و تجرد سنابل الذرة، و تتوزع الصفقات بين أهل غده و أهل ودادي كرقائق الروليت، ثم لا يُطار لهم غراب، إلا ما كان من فقاقيع “لجنة التحقيق البرلمانية” التي لا تقنع غير غبي.. و لكن حين يفكر نخبة في “إعادة تأسيس سياسي” على قواعد من عدالة و حداثة و قيم تقدمية، تمكنها من مواكبة اندفاعات العصر الهائلة، يتم اعتقالهم بتهمة أن “عقولهم نشطت من عقالها”، فيشكلون بذلك تهديداً للتحجر و التجذر و حكم الفرد و هيمنة سلطة العساكر.

‎هذا الدرويش المحتبي في القصر الأزرق، ليس مصلحاً.. و لا يستشرف مستقبلا واعداً، و لا يتبين مواقع خطوه في مجاهل الأيام.. نعامةٌ أمام من يهدده بكتيبةٍ، أسدٌ في وجه من يلوّح بكتاب.. و لو كان في نظامه خير لكان العكس، غير أن الأيام ستعلّمه أن للفكر دائما روحاً ثانية، و أن الثعالب من أمثال عزيز و ولد بامبي لم تكن لتبول عليه لو لم يكن قطفة خيزران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى