بين يدي الرحلات التحسيسية لبعثات الحزب.. ما هي رسالتنا؟/ الدكتور احمد سالم ولد محمد فاضل _ رئيس بعثة ال UPR إلى الحوض الشرقي
أعرف طريق الأمل جيدا فأنا منذ سنوات أقطع المسافة بين نواكشوط ومدينة العيون في العام الدراسي جيئة وذهابا بحكم تدريسي بجامعة العلوم الإسلامية . وقد تعلمت من هذه الطريق الكثير الكثير؛ فهي تخبرني في كل مرة عن طيبة هذا الشعب، ولحمته وترابطه. وترينى في كل مرة أيضا كم هي كبيرة التحديات التي تواجه وطننا الغالى مترامي الأطراف.
وفي كل مرة أرى أن توفير الخدمات في هذه القرى والبلدات والمدن مهمة صعبة، ومع الوقت فهمت أكثر أسباب تركيز رئيس الجمهورية في خطاباته التي كنت أتابع في الحملة الانتخابية، وفي برنامجه الانتخابي على فكرة “محاربة الغبن”. وقدرت أكثر الجهود التي تبذلها وكالة ال… “تآزر”. إن من يشاهد هذا الكم الهائل من الغبن الذي وقع ضحيته مواطنون كثر في هذا البلد، بل النسبة الكبيرة من أبناء هذا الوطن، لن يمكنه إلا أن يفهم هذا التركيز اللافت في البرنامج، كما لا يستطيع حجب الأثر الذي تتركه أعمال هذه الوكالة وغيرها من القطاعات.
من هنا تكون بعثات حزبنا حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ضرورة قصوى، ومهمتها فرصة وتحديا في نفس الوقت، وهي مهمة أخرتها الظروف التي مر بها العالم أجمع جراء جائحة كورونا.
هذه المهمة ضرورة لأنها أول مهمة اتصالية مباشرة للجهاز السياسي لنظام رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وكان بالإمكان أن تكون رحلة ذات أجندة حزبية خالصة، هدفها التحسيس بنتائج المؤتمر، والاتصال بالقواعد الحزبية لشرح التغيير الذي حصل في الحزب، وبرنامج القيادة الجديدة.
لكن الرحلة، نظرا للظروف والتوقيت، لا يمكن أن تكون ذات أجندة سياسية حزبية فقط. فهي مهمة اتصال كبرى عبأ لها الحزب أطره وقياداته، ليكونوا بريدا ينقل إلى أطراف الوطن حجم الإنجاز الذي حصل، خلال هذه الفترة القصيرة المليئة بالصعاب والتحديات.
إن المواطن الموريتاني سيكون هدف هذه الزيارة الأول لإنارته حول مختلف القضايا التي تهمه، ولوضعه أمام صورة حقيقية من دون رتوش لواقع التحديات، ولحقيقة الإنجاز الضخم الذي تحقق، ومن الطبيعي أن يكون الشأن الحزبي حاضرا بقوة؛ فهي مهمة اتصال حزبية بالدرجة الأولى.
ولا أفشي سرا إذا قلت إنني وقفت على إنجاز هائل أثناء الإعداد لهذه الرحلة، ووصلت ردة فعلي أحيانا إلى الاندهاش من حجم المنجز في هذا الظرف الوجيز والحساس. وقد أعود إلى أمثلة من ذلك في مقال لاحق بحول الله.
إن هذه البعثة لن تكون بريدا وجهته واحدة؛ فهي ستنقل هم المواطن إلى دوائر صنع القرار، وستنقل هذا الواقع بأمانة، وستطلع بشكل مباشر على حجم معاناة الناس مع الواقع المعيشي، وستستمع بإصغاء إلى كل مطالبهم، ومشاكلهم، وستكون بريدا أمينا لإيصالها إلى حيث ينبغي.
ولا بد من كلمتين قبل ختام هذه العجالة؛ الأولى إلى أطر ومناضلي حزب الاتحاد من أجل الجمهورية؛ وهي ضرورة أن يكون اختصار “الاتحاد” حزبنا شعارا جميلا نرفعه ونتغنى به، ولكن الأهم أن يكون واقعا نعيشه.
لا شك أن النزعة إلى الصدارة، والرغبة في التقدم فطرة بشرية فطر الله عليها الإنسان، وأنزل الشرائع لتهذيبها، ولم يجرمها من حيث الأصل، ولا شك أن التنافس الذي قد يصل أحيانا إلى حد الصراع محرك أساسي من محركات التاريخ، ومقوم أساسي من مقومات بناء الدول. ومع ذلك (حتى لا أقول: لكن) فإن هذا التنافس يجب أن يكون تحت سقف المصلحة العليا الجامعة؛ مصلحة الوطن والمواطن، ومصلحة الحزب.
إن نظام رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني نظام وحدة وانسجام وتلاحم، نظام توجيه لطاقات كل قوى المجتمع الحية، وكل فرقاء الساحة السياسية والاجتماعية نحو التنافس في خدمة المواطن، ونزع فتيل الصراعات الصغيرة المعيقة للمسيرة، وهو ما يجب أن نعيه جميعا، ونتصرف على أساسه طيلة هذه المهمة، وفي قابل مسيرة حزبنا المظفرة بإذن الله.
إن الاختلاف في الرأي، والتعبير عن ذلك، حق طبيعي لكل مناضل ومناضلة، وضرورة لتطور المؤسسة الحزبية الرائدة واستمرار تقدمها، ولكن الصراع السلبي معيق، ومدمر. فليكن شعارنا دائما: نناقش لنتفق، ونتنافس لنبني.
والثانية إلى أصدقائي وزملائي أعضاء البعثات؛ إن حزبكم اختاركم لمهمة صعبة سيكون نجاحه في المستقبل مرهونا بنجاحها، وقد جعلكم سفراءه إلى جماهير الشعب الموريتاني في كل بقاع الوطن، فكونوا عند حسن ظن قيادتكم، والتحموا بجمهور هذا الحزب العريض، وتواصلوا مع مواطني بلدكم حتى تكونوا عند عودتكم على بينة من كل صغيرة وكبيرة في هذا الوطن، وحتى تكون كل هموم المواطن ـ بعد هذه السنة الصعبة ـ مقيدة في دفاتر ملاحظاتكم لتؤدوها إلى قيادتكم والتي بلا شك ستتعامل معها بمسؤولية وأمانة. وفق الله الجميع.