أحمد أبو المعالي يكتب : وتأبى غزة أن تركع
منذ أن انسحبت قوات الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة سنة 2005 وهي تنفذ عمليات عسكرية – كأنياب أغوال – في القطاع تنتهي باستشهاد عدد من زعماء المقاومة الإسلامية فضلا عن المدنيين، وتدمير كثير من البنية التحية التي تشل أحيانا كثيرا من الخدمات الضرورية للسكان.
نفذ الاحتلال غارات استهدفت بعض قادة المقاومة، كما حاولت قوات الاحتلال إنقاذ الجندي شاليط الذي أسرنه المقاومة سنة 2006 كل ذلك لم يحقق الهدف المنشود.
وكانت سيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس على غزة بداية لتطور جديد في تلك الاعتداءات والحروب المتتالية على قطاع غزة، وذلك في محاولة بائسة وفاشلة لتركيع المقاومة الإسلامية، وجعلها تتنازل عن ثوابتها التي يتصدرها عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، واعتباره محتلا غاصبا يجب أن يخرج مذموما مدحورا.
وفي هذا السياق قرر الكيان الصهبوني إعلان قطاع غزة “كيانا معاديا” منذ 2007 وحتى يضيق الخناق على المقاومة وعلى سكان عزة فرض حصارا شاملا على القطاع، فما زاد ذلك المقاومة الإسلامية إلا ثباتا وصمودا، ومنذ ذلك التاريخ وسكان القطاع يتحملون الحصار المطبق بعزائم لاتلين، وهمم لاتتضعضع مهما ادلهمت الأيام واشتد الخناق.
وحيث أن الحصار الجائر لم يأت أكله في استسلام المقاومة، قرر الاحتلال اللجوء إلى معارك وعمليات عسكرية تهدف لاغتيال قادة المقاومة والضغط على السكان من خلال القتل الممنهج للنساء والأطفال ليجدوا أن شعار سكان قطاع غزة:
نتلقى الشهيد عزا ونصرا… والضحايا توديعهم حفلات
بدأت تلك العمليات بحرب شعواء على القطاع سنة 2008 وذلك “لإنهاء حكم حركة حماس” بشكل نهائي، وإضعاف المقاومة حتى لاتستمر في إطلاق الصواريخ نحو مستوطنات الكيان الصهيوني.
ونتيجة لمباركة بعض القوى الدولية وبعض الأنظمة العربية، عمدت قوات الاحتلال الصهيوني إلى استخدام أسلحة محرمة دوليا، كاليورانيوم المنضب.
وكان للأطفال والنساء الحظ الأوفر في الشهادة، ولم تسلم المؤسسات الصحية ولا المنازل الخاصة من التدمير، لكن المقاومة أظهرت بسالة منقطعة النظير، وصمدت لأكثر من عشرين يوما لم تلن العزائم، ولم تقدم غزة على طبق من ذهب، ولم تأل المقاومة الإسلامية جهدا في التصدي للعدوان بما تملك من قدرات وعتاد يعززه موقف ثابت من رفض الاحتلال والاستعدداد للشهادة في سبيل الله.
فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا.
وتواصلت الاعتداءات والحروب غلى غزة من حجارة السجيل 2012 و”العصف المأكول 2014إلى معركة صيحة الفجر2019 وسيف القدس 2021 والآن وحدة الساحات.
في كل زاوية خناجر ترتوي.. عطشا فتسقيها مدى وحراب
تختال رائحة الدمار كأنما .. قدر العبور إلى هواك عذاب
وكأنما بغداد ترسم لوحة……. بدماء دجلة صاغها السياب
في كل هذه المعارك تشن إسرائيل عملياتها على قطاع غزة بشكل لاهوادة فيه، وتتجاوز كل القوانين والأعراف الدولية باستخدام الأسلحة المحرمة، واستهداف المدنيين العزل ولا سيما النساء والأطفال، وتقصف المنشئات المدنية صحية كانت أوتعليمة أو تتبع لوسائل الإعلام في تحد صارخ لكل المنظمات والهئيات والمؤسسات الحقوقية في العالم.
ولكن في كل هذه المعارك تثبت المقاومة الإسلامية أن قوة الحق أقوى من حق القوة، وأن المقاومة تزداد قوة ومهارة وبأسا في كل مرة، فلم تعد صواريخ المقاومة ترعب المستوطات في غلاف غزة بل وصلت صواريخ المقامة إلى مدى بعيد، وأصبحت الرحلات الدولية تتجنب الهبوط إفي مطار بن غوليون الدولي إبان معركة سيف القدس، ودب الفزع المصحوب بصفارات الإنذارفي شوارع تل أبيب والعديد من المستوطنات، مما جعل السكان يعلنون تذمرهم من الحرب، وهو ما غير معادلة القوة في المنطقة.
في كل هذه المعارك لم يستطع الكيان تفتيت جهود مختلف فصائل المقاومة، وفشل في محاولة الوقيعة بينها
ومعركة “وحدة الساحات” الأخيرة خير دليل على ذلك، فقد ظن الاحتلال أنه سينفرد بحركة الجهاد،لكن فصائل المقاومة الأخرى أعلنت وقوفها إلى جانب الجهاد وكان الصوت واحدا والهدف واحدا وإن اختلفت العناوين.
انتهت تلك المعارك كحبات السبحة والخلاصة أن غزة لن تركع ولن تتنازل عن حصاة من أرض الجبارين.