أقلام

صدام ولد النون.. حين يكون العطاء رسالة تتجاوز حدود الإرهاق/ بشير ببانه

 

في زمن قلَّ فيه من يحمل همّ المحتاجين بصدق وإخلاص، أجدني ممتنًا للشيخة العزة منت الشيخ آياه على حسن اختيارها للشاب الطيب الخلوق صدام ولد النون مسؤولًا لجمعية الشيخ آياه الخيرية.

هذا الشاب الذي لا يعرف معنى الراحة، يسير بين أروقة المستشفيات في ساعات الليل المتأخرة، حاملاً همّ المرضى على كتفيه، متنقلًا من غرفة إلى أخرى، ومن قسم إلى قسم، يدفع تكاليف العمليات العاجلة، ويضمن إجراء الفحوصات الطبية لمن يعجزون عن دفع تكاليفها، مجسدًا بذلك رسالة جمعية الشيخ آياه الخيرية في الرحمة والعطاء.

التقيت به خلال هذا الشهر الفضيل؛ في موقف مماثل، حيث كنت في حاجة إلى مساعدته لحالة إنسانية، فاتصلت به لأجده في مستشفى القلب، منهمكًا في تغطية تكاليف عملية قلب مفتوح لمريض لا حول له ولا قوة.

ورغم التعب والإرهاق اللذين بديا على صوته، إلا أنه وعد بالمجيء، وظل ينتقل بين المستشفيات حتى الثالثة فجرًا، ليصل إليّ بابتسامته التي لم تفارقه رغم الإجهاد الواضح على ملامحه.

كان منهكًا، لكنّه لم يكن متذمرًا؛ كان مرهقًا، لكنّه لم يكن متخاذلًا؛ بدلًا من أن يشكو التعب، انشغل بمواساة المرضى، بمباسطتهم، بتخفيف معاناتهم بكلمة طيبة ونبرة حانية تشعرهم أن جمعية الشيخ آياه يدٌ حانيةٌ تمتد، وروحٌ معطاءةٌ تبث الأمل، حضورها ليس مجرد دعمٍ عابر، بل سندٌ يشعر المرضى أنهم ليسوا وحدهم، وأن هناك قلبًا نابضًا بالرحمة يقف إلى جانبهم، يخفف عنهم بالكلمة الطيبة قبل أن تفعل الأدوية، ويرسم على وجوههم بسمةً تنسيهم بعض أوجاعهم.

بين أروقة المستشفيات، حيث تختلط الآلام والآهات بأمل الشفاء، كانت هناك عين يقظة تتابع كل خطوة، يخطوها صدام؛ وروح معطاءة تواكب كل استغاثة. إنها خديجة الشيخ ماء العينين، الأمينة العامة لجمعية الشيخ آياه، وسيدة شباب العمل الخيري، التي حولت الإحسان إلى رسالة، والعمل الإنساني إلى نهج مستدام.

وفي قلب هذا العطاء، يبرز اسم الشيخة العزة منت الشيخ آياه، التي أثبتت أن الخير إرث حيٌ في هذه العائلة الكريمة. بدعمها ورؤيتها، لم تعد الجمعية مجرد مبادرة، بل صرح إنساني شامخ، يواصل طريق البر الذي خطه والدها، الشيخ آياه رحمه الله، ذاك الرجل الذي ظل رمزًا للسخاء وملاذًا لكل محتاج، حيث تتجلى الأيادي البيضاء في أبهى صورها، ناثرة الأمل في دروب المعوزين.

فطوبى لمن جعل الله حاجات الناس إليه، وطوبى لصدام ولد النون، الذي اختارته الجمعية أن يكون جسراً يعبر عليه الفقراء نحو الأمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى