أقلام

ولد عمير لم يعد/محمد الأمين محمودي

زوال اليوم وجدتني أمد يدي خلسة لأضعها على قدم جناز في حوض سيارة،أمسكت بالأصابع وحركتها لعل الله يحدث أمرا غير ما أخبرنا الأطباء بلستحالته.. ثم شهقت وابتعدت عن النسوة والمتجمهرين لأذرف من دمعي ماشاءت له خلوة وراء عمود مدخل الحالات المستعجلة بمركز أمراض القلب،إذ الراحل هو العميد ولد عمير ول ابي لما يعنيه لي شخصيا ذلك الرجل من أشياء مختلطة يصعب نقلها للقراء..ولد عمير كان لعقود مرجعا في هذه المهنة التي رذلت للأسف بعد طفولة مشرفة،،كنا كمتربصين ومتطفلين نلج دور النشر ومكاتب الصحف الأولى بحثا عن كتاب يعدون على اصابع اليد وكان ولدعمير الشاب المتثاقل البطيئ أحد ابرز هذه الأسماء مع رفيق دربه وأخيه حبيب ولد محفوظ..كنا نفاخر بعضنا بمستوى معرفتنا لهؤلاء الكبار،وطبعا لن ستحضر كثيرا كيف اعتبرني الشاب المحصري أخا متهورا لابد من ترويضه وتوجيهه..منحني بعض الأمان الذي يحتاجه الداخل المندهش المشدوه،ففي تلك السنوات كانوا نجوما وكنا داخلين نبحث عن الذين يبشون في وجوهنا أكثر من بحثنا عن الاكتتاب والنصح وتصويب الهنات والأخطاء،وكان عمير أحد من يحرصون على تقديم النصح والارشاد حتى لو بدا الأمر كالغلظة أوالصلف ثم عملت تحت امرته لأعوام قي جريدة لاتريبين المنصة لتتوطد الصلة وتتعزز العلاقة..نكهة ولدعمير تكتشف مع قليل من المضغ وهو ماحصل بعد مدة ..إنه ذلك الأستاذ الذي لايظهر لك طيبته وعطفه الا اذا التقيته في العطلة الصيفية بعد نجاحك في ازدراد الدروس..،طيلة العقود الماضية وبعد تفرق الزملاء مابين المنافي ودروب الحياة بقيت على اتصال بمحمدفال،وفي أغلب الأحوال كان يتصل هو ليقدم نصيحة على عجل وتوجيها حصيفا يقدمه بعد قراءته لبعض نصوصي..قبل اشهر زرته في بيته وأخبرته بانتهاء تجربة تلفزيون دبي بعد عشرين سنة من العمل،وانتظرت منه تعليقا لكنه لم يتحدث وإنما شرد قليلا حتى دخل بعض زواره،ثم اتصل علي قبل نومه ليخبرني بأنه سرح قليلا وهو يستحضر نصي المسمى بالأعمى وذلك الذي كتبته على لسان مشرد لايحب المطر،وأضاف :ثم دخل علينا صديقي الوزير سيدي ولد الزين قبل أن أخبرك بأن كاتبا مثلك يفترض فيه التجوال بين دور النشر وطباعة روايات أدبية ستدر عليه من الأموال مالم يمنحه اياه العمل في التلفزيون،لذلك اهتم بالكتابة وستصل يوما من الأيام…،
لم اعتقد للحظة من لحظات حياتي بأن ولدعمير عميد فقط او أستاذ في المهنة فقط،بل كان لي أخا ناصحا وعارفا بماينبغي ومالا ينبغي في المهنة وفي العلاقات الاجتماعية..ولد عمير نتاج ابيولوجي لمجموعتين احتلتا مكانا في قلبي نماه أشخاص عرفتهم في المحصر والمحرد وانهكارة وغيرها من دور المروءة والطيبة تلك..ولد عمير رجل من ايكيدي والمحصر وبوتلميت وانواكشوط لكنه جسر من تلك الجسور التي طالما عبرت عليها أعراقنا نحو بعضها..كيسيما خليلو آل احمدو،شنوف حنفي،سيدي ميلة،الحسين، الشرفة افال حامد، بنات حبيب وتغلة،موريتانيا،أعزيكم جميعا وأحتضنكم جميعا فالرزء مؤلم لكننا مؤمنون ولانقول إلا مايرضي الله: اللهم اغفر له وارحمه وادخله الجنة..إنا لله وإنا إليه راجعون
خالص حبي وامتناني يارجلا سيظل في الذاكرة مابقيت حيا..
كن مع حبيب في الجنة بفضل الله ثم ابلغه سلامي وقل له إن العالم كان أفضل بوجودكما فيه…حبي الخاص وودي لذكراك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى