مقابلات

الأمين العام لحزب إيناد : الوضع الاجتماعي في الداخل لم يعديطاق (مقابلة)

نص المقابلة:

س: لا يكاد يسمع في الساحة السياسية الموريتانية حديث عن قرب انعقاد الحوار السياسي. فالأغلبية تقول إنكم غير مستعدين له. فما هو تعليقم على هذا الموضوع؟

ج: ‎الإجابة على هذا السؤال تقتضي التطرق للمسار الذي سلكه الحوار أو التشاور الوطني، من البداية حتى هذه اللحظة.

لقد طالبنا في المعارضة بعد وصول الرئيس ولد الغزواني إلى السلطة بتنظيم حوار وطني شامل، تشرف عليه السلطة التنفيذيه، و يتم خلاله تناول جميع القضايا الوطنية الكبري وفي مقدمتها الوحدة الوطنية، والرق ومخلفاته، والإرث الإنساني، المسلسل الانتخابي، الحكامة الرشيدة، ملف الفساد، الإصلاحات الدستورية الخ… و هي مواضيع من شأنها أن تساهم بشكل فعال في التأسيس لدولة القانون التي تضمن لمواطنيها العدالة والحرية والديمقراطية.

بعد موافقة الرئيس على إجراء التشاور، صادقت منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان وتضم أحزاب الأغلبية والمعارضة على خارطة طريق تستعرض مراحل التشاور والمواضيع، وكان ذلك في العام 2020، وكان من المفترض أن تنتهي المرحلة الأولى من التحضير للحوار في غضون ثلاثه أسابيع، غير أننا دخلنا في دوامة من المماطلة دامت أكثر من سنة، قبل أن يستقبل رئيس الجمهورية تنسيقية الأحزاب في أغسطس الماضي، حيث أكد التزام الحكومة بالإشراف على الحوار وتطبيق مخرجاته، بعدها دخلنا في مرحلة جديدة من مماطلات السلطة والأغلبية استمرت حتي شهر أكتوبر من العام الماضي. لينعقد بعدها الاجتماع الذي ضم إلى جانب الأحزاب الوطنية أربعة مرشحين سابقين للرئاسيات، وتمخض عن إقرار لجنة تحضير للحوار تكون تشكيلتها بالتناصف بين الأغلبية والمعارضة، على أن يتم تعيين رئيس هذه اللجنة من طرف رئيس الجمهورية بوصفه المشرف على الحوار، والضامن لتطبيق مخرجاته ومازلنا ننتظر تعيينه حتى اللحظة، لذلك لا يمكن بحال من الأحوال تحميل المعارضة مسؤولية عرقلة الحوار، فالكرة الآن في مرمى السلطة والأغلبية.

س:‎ لقد أصدرت أحزاب المعارضة الرئيسية قبل أسابيع قليلة، بيانًا صحفيًا، اعتبر “شديد اللهجة” ضد السلطة القائمة، في وقت كانت المعارضة فيه توصف بالصمت المطبق، و حتى بالتهاون مع نظام ولد الغزواني. هل أصيبت المعارضة بخيبة أمل من الطريقة التي يتم بها تسيير الشأن العام على مدى يناهز ثلاث سنوات تقريبا؟

ج: لقد ذكرنا فقط في البيان الذي أشرتم إليه بالظروف الدولية والإقليمية والوطنية وما تحمله من مخاطر جمة على وحدة بلدنا وأمنه واستقراره:

على المستوى الدولي فالحرب الروسية على أوكرانيا تلقي بظلالها على المنطقة بما تحمله من تعقيدات على اقتصادية و أمنية.

الوضع الإقليمي يمتاز بعدم الاستقرار في منطقة الساحل، ضف إلى ذلك تنامي العنف والجريمة على حدودنا مع دولة مالي التي تحولت إلى دولة فاشلة.

أما على المستوى الداخلي فالوضع الاجتماعي لم يعد يطاق: ارتفاع مذهل في أسعار المواد الأساسية، بطالة منتشرة في صفوف الشباب، فساد مستشرٍ في مفاصل الدولة، ضعف في الخدمات العامة.

هذه الأوضاع المقلقة تتطلب من الجميع تغليب المصلحة العليا للبلد على المصالح الضيقة، والعمل على تقوية الجبهة الداخلية في مواجهة هذه الأخطار المحدقة بالبلد، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال حوار وطني شامل يؤسس لمرحلة من السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي.

و‎نحن في المعارضة ما نزال نحتفظ بنفس الاستعداد للمشاركة في هذا الحوار والعمل على إنجاحه، لكن بالمقابل لا يمكننا الانتظار إلى أجل غير مسمى، فالانتخابات التشريعية والبلدية أصبحت على الأبواب ولدينا الكثير من القضايا المتعلقة بإصلاح المنظومة الانتخابية في مقدمتها

– إعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات بصورة توافقية
– إبعاد سلطان الدولة ونفوذها عن العملية الانتخابية، واحترام قانون التعارض
– تشكيل المجلس الدستوري

س: ‎ما هو تقييمكم لتسيير الحكومة لما يسمى بملف العشرية ومحاربة الفساد؟

: ‎لقد تميزت العشرية الماضية بسوء الحكامة السياسية والاقتصادية للبلد، حيث حوّل الرئيس السابق الثروة الوطنية إلى ملك خاص، وتم العبث بكل مقدرات البلاد من ذهب، ونحاس، وحديد وغاز وبترول، وثروة سمكية، و أبرمت اتفاقيات خارج إطار القانون، وتم تفليس المؤسسات الوطنية الكبري، والتلاعب في منح الصفقات العمومية، وقد تمت عملية تحويل هذه الثروة الهائلة من المال العام الي القطاع الخاص عن طريق القروض الوهمية، ودعم البنوك الجديدة، وتشييد العقارات، والودائع العينية، إلى آخر القائمة الطويلة من أنماط وضروب الفساد التي كشفت عنها التحقيقات الجارية، ونحن في المعارضة دائما نؤكد أن استرجاع المال العام ومحاسبة المفسدين هو الطريق الوحيد الذي سينقذ البلد ويحدد مستقبله، ولذلك نعتبر أن فتح التحقيق في ملفات العشرية ومحاكمة الضالعين فيها خطوة في الإتجاه الصحيح، ستشكل رادعاً مستقبلا لكل من تسول له نفسه العبث بالمال العام، لكنه لا تزال هنالك نواقص في ملف العشرية وفي مجال مكافحة الفساد يجب العمل عليها:

أولا: كل الأموال التي تم استرجاعها حتى الساعة كانت داخل البلاد، والمبالغ المعلنة ضئيلة جدا بالمقارنة مع الأموال المفقودة، والسؤال المطروح هل هنالك أموال مهربة إلى الخارج؟ وماهو مصيرها؟ حيث يجب اطلاع الرأي العام الوطني على تفاصيل استعادة الأموال المنهوبة في فترة العشرية الماضية.

ثا‎نيا: النظام اليوم مطالب في إطار مكافحة الفساد بتحرير الجهاز الإداري من كل من تحوم حوله شبهة فساد وإفساح المجال أمام الكفاءات الجديدة، لأنه لا يمكن في الحقيقة الحديث عن محاربة الفساد في الوقت الذي مازالت فيه بعض الأوجه التي تورطت في فساد العشرية تتصدر المشهد.

س: ‎تصاعد التوتر بين نواكشوط وباماكو بعد اختفاء و ارتكاب مجازر في مواطنينا علي الأراضي المالية. هل تعتقدون أن الزيارة الأخيرة لوفد مالي رفيع المستوى إلى نواكشوط نجحت في نزع فتيل التوتر؟

ج: ‎أولا أتوجه بالتعازي القلبية إلى كل أسر الضحايا الذين فقدناهم في المجزرة الأخيرة وأرجو من المولى عز وجل أن يتغمدهم برحمته.

لا يمكنني الإجابة بشكل واضح على سؤالكم، فالملف مازال يكتنفه الكثير من الغموض حتى الساعة، ونحن في المعارضة مازلنا نستغرب الصمت الرسمي، وعدم إنارة الرأي العام حول مجريات الحادث البشع و الأليم، ‎لكننا في نفس الوقت ندرك أن الجارة مالي تمر بظروف صعبة ويجب علينا الوقوف معها، فلدينا ما يزيد على 2500 كلم من الحدود المشتركة معها، وأي توتر أمني على هذا الشريط الحدودي المعقد لن يكون في صالحنا، والمناطق الشرقيه من البلاد تعتمد بشكل كبير على المراعي في مالي.

يبدو أن هنالك أطرافاً في المنطقة تحاول العبث بالأمن على الحدود وإشعال ازمة بين البلدين ، ومن هنا يجب أن تعالج القضية بحكمة وتبصّر، وعلى الجانب المالي فتح تحقيق عاجل ومستقل في الحادث وتحديد الجناة وتقديمهم للعدالة ، كما أن على سكان المناطق الشرقية تجنب المناطق الخطيرة على الحدود.

مقابلة نشرت في العدد الأخير من جريدة القلم الناطقة باللغة الفرنسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى