أقلام

مذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيداله(الحلقة38)

 

مذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيداله

من القصر إلى الأسر

الحلقة 38

… وكما وقعت المفاجئة ثقيلة على المصطفى وبقية الضباط الموجودين في نواكشوط، فقد وقعت على كل المشاركين في الإنقلاب، ومن هاؤلاء شيخنا ولد محمد الأغظف عضو المكتب السياسي للحزب الذي كان مكلفا بإطالة الإجتماع حتى يتمكن العسكريون من اعتقالهم، وقد قام بدوره إذ استمر الإجتماع حتى الساعة الرابعة صباحا دون أن يأتي أحد لتنفيذ المهمة فأصيب بحيرة كبيرة

وبالنسبة لي شخصيا لم يكن وقع الصدمة علي أخف، فقد كان مقررا أن أعلم فور حصوله لأكون على أهبة الإستعداد، وحين لم أتلقى أي اتصال بدأت الشكوك تساورني فاتصلت بأحمدو وسألته عن ماجرى، فرد علي( ذالك كتاب كبير) ولما لم يشرح لي الموضوع حاولت الإتصال بالمصطفى فلم أجده، فاتصلت بجدو ولد السالك الذي يبدو أنه لم يكن على علم بسبب ماجرى ووجدته أيضا متأثرا، حتى أنه قال لي بحدة أنه يعتقد أن المصطفى وأحمدو جبنا في آخر لحظة ولم يستطيعا تنفيذ الإنقلاب، وأردف -والغضب واضح في نبرة صوته- ولكنني سأواصل التقدم في اتجاه العاصمة لتنفيذ الإنقلاب بنفسي مهما كان، ولذالك فإنني أعول عليك كثيرا ، وثقتي فيك أنك لن تخذلني، وكان يستخدم عبارات مشفرة من قبيل( التصدي للبوليزاريو للإشارة إلى تنفيذ الإنقلاب)

وأشير هنا إلى أن جدو كان من أكثرالضباط تحمسا للإنقلاب، حيث أنه لم يكن قبل الإنقلاب في وظيفة معينة لأنه أصيب في الحرب وكان يخضع للعلاج في بروكسل ولما عاد لم يعين، وكان ناقما على الأوضاع لدرجة أنه كان يتحدث في المجالس عن نيته القيام بانفلاب، هذا فضلا عن ماكان يعرف عنه على المستوى الشخصي من الإندفاع والحماسة في أموره، حتى ان ذالك أفقده حس الحصافة اللازم لهذا النوع من المهام، وقد أشرت سابقا لقصة مفاجئته لنا باصطحاب ولد ابنيجارة رغم أنه يعرف رفضي أنا وأحمدو لإشراك المدنيين في الترتيبات الأولية للإنقلاب

أما ماحدث بعد هذه الورطة أن المصطفى بقي في منزله ولم يخرج إلى مكتبه ذاك الصباح ،وكان مهموما، وظل كذالك حتى زاره النقيب ” جبريل سانبير” والملازم” ترياف” والنقيب ” إتيي همات” فوجدوه مغموما، فسألوه عن السبب ، فأخبرهم بما جرى، فقالوا له أنهم يستطيعون إخراجه من هذه المشكلة ببساطة لأنهم قادرون على اعتقال الرئيس ووزرائه في أي وقت يشاؤون -فأنا -يقول جبريل لدي السيارات( كان جبريل على المعدات) وآتيي على الهندسة العسكرية ولديه الرجال، وبذالك نستطيع تكوين وحدة تعتقل الرئيس وكل أعضاء الحكومة

ولماضمن المصطفى أوجود قوات تتولى اعتقال الرئيس ووزرائه غير تلك التي تحت إمرة أحمدو ، أتصل بالمختار ولد السالك شقيق جدو، والملازم مولاي هاشم المرافق العسكري للرئيس، وكانوا من الضباط المشاركين في الإنقلاب، وأخبرهم بانضمام جبريل. وآتيي وترياف للإنقلاب، وحدثهم عن الخطة الجديدة للتنفيذ، فبدأ المختار الذي كان على وحدة من الوحدات التابعة لأحمدو ولد عبدالله، والتي كانت تتمركز قرب مركز الإرسال بالعمل على استمالة بعض قوات أحمدو رغم أن هذا الأخير كان قد حذر قواته من التحرك دون إذنه، ولما وجد المختار صعوبة في إقناع مساعدي أحمدو بأن يخالفوا أوامر قائدهم لم يكن أمامه سوى الإتصال ببعض أفراد وحدته الذين تربطه بهم صلات قبلية، فكون منهم وحدة تتكون من سيارتين ، وأوكلت لها مهمة اعتقال الرئيس، فتحركت هذه الوحدة من موقعها قرب مركز الإرسال باتجاه الرئاسة تحت قيادة المختار وبمعية الملازم مولاي هاشم المرافق العسكري للرئيس الذي كان المصطفى أرسله مع المختار، لأنه كان عارفا بمداخل ومخارج القصر، وقد استطاعا دخول الرئاسة واعتقال الرئيس بسهولة، فقد كان أمن الرئاسة في ذالك الوقت موكولا لفرقة صغيرة من الدرك ، إذلم يكن الحرس الرئاسي قد أنشأ ، ولم يكن للجيش علاقة بحماية القصر، وبعد اعتقال الرئيس الذي جرى في الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين العاشر من يوليو، جرى اعتقال وزرائه ، وبالتزامن مع ذالك كان جبريل وآتيي قد نشرا قواتهما في كل النقاط الإسترتحية في العاصمة لمنع أي مواجهات قد تحدث لو أن الوحدات الموالية للنظام همت بالمواجهة، لكن الواقع أنه لاتوجد من بين القوات الموالية للنظام أي قوة تستطيع التحرك ، فقيادة الأركان وكل التجمعات التابعة لها في انواكشوط تحت أيدينا، والمنطقة العسكرية السادسة تحت سيطرتنا كذالك، وإن كانت لهاؤلاء قوة فهي في مناطق بعيدة لاتوازي في قوتها الوحدات المتواجدة في الشمال بحكم أنها على جبهة القتال، وهذه الوحدات يقودها ثلاثة من مهندسي الإنقلاب( جدو على قطاع آوسرد، وأنا عل قطاع ازويرات، ومولاي ولد بوخريص على قطاع آدرار وهكذا تم تنفيذ الإنقلاب وطوت موريتانيا صفحة من تاريخها، وفتحت صفحة أخرى

يتواصل….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى