مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله(الحلقة31)
مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله
من القصر إلى الأسر
الحلقة 31
– الإستراتجية الجديدة للدفاع عن سكة الحديد
كانت خطط البوليزاريو تركز على سكة الحديد والقطار الذي ينقل الحديد بغية تعطيل صادرات البلاد من هذا المعدن وضرب اقتصادها في الصميم، وفي المقابل كان النظام الدفاعي المتبع من طرف الجيش الوطني يتمثل في إرسال وحدات عسكرية على متن القطار، لكن تبين لاحقا أن هذا النظام الدفاعي لم يفلح في التصدي الفعال لهجمات العدو على القطار التي تصاعدت بشكل مزعج، ولذالك اقترحت أن توكل مهمة الدفاع عن القطار إلى التجمع الأول وهو ماتمت الموافقة عليه من قبل القيادة فقمت بتحويل مقر قيادة التجمع إلى ” تشله” بدل آوسرد لقربها من السكة الحديدية ، وقد ساهمت الإجراءات التي اتخذناها في الحد بشكل كبير من هجمات العدو، وانتهت عمليات خطف المواطنين في تلك المنطقة، وإن لم تفلح في القضاء على هذه الهجمات كليا ، والتي كانت تنطلق من جبال ” أم دريكه” التي أصبحت معقلا رئيسيا للبوليزاريو ، فقررت القيادة استهداف معاقل العدو في أم دريكه بالتنسيق مع حلفائنا المغاربة، واقترحنا عليهم أن تتحرك ثمان فرق عسكرية نحو هذه المنطقة، سبع فرق مغربية وواحدة موريتانية، في هذه الأثناء كنا قد بدأنا التفكير في القيام بالإنقلاب على النظام السياسي في البلاد، وكان الوجود المغربي في موريتانيا يشكل عامل قلق لنا ،فكنا – إلى جانب هدفنا الأساسي المتمثل في اجتثاث البوليزاريو من جبال أم دريكه- نود بعث رسالة إلى إخوتنا المغاربة بأننا أقوياء وعلى قدر كبير من الشراسة ، حتى لايفكروا في التدخل لصالح النظام عند تنفيذنا للإنقلاب، وكان هذا الهدف الضمني محل اتفاق وتفاهم بيني وبين الرائد جدو ولد السالك الذي أرسلته قيادة الأركان على رأس تعزيزات من أطار وعينوه مساعدا لي في عملية أم دريكة
ومن هنا بدأنا التنسيق مع المغاربة حول الهجوم المرتقب على أم دريكه، وهي العملية التي تقرر أن توكل قيادتها لقائد القوات المغربية في الداخله ، الذي سيقود الوحدات المغربية القادمة من العيون وبوكراع .. وزويرات .. والداخله، ومن جهتنا اخترنا وحدات قادمة من أطار يقودها النقيب “محمد فال ولد لمرابط “ومساعده الملازم أول “اعلي ولد محمدفال” بالإضافة إلى وحدات آوسرد بقيادة الرائد ” جدو ولد السالك
وبعد أن تم التنسيق مع المغاربة بدأ الهجوم على جبال أم دريكه التي أغلقنا كل المنافذ المحيطة بها في حين بدأ الطيران الفرنسي قصف المواقع داخلها ، وفي الليل كنا نشاهد أضواء سيارات البوليزاريو وهم يطلقون الرصاص في الهواء ، وكذالك القنابل المضيئة ، وهو أمر يراد به إرسال إشارات لوحداتهم المنتشرة في أرجاء المنطقة، وفي نفس الليلة التي كنا سنبدأ فيها الهجوم البري انسحبت البوليزاريو دون أن نعلم بذالك، وفي الصباح أمر قائد العمليات القوات الموريتانية باقتحام ام دريكه وهو ماقمنا به، وعند دخولنا للمنطقة وجدناهم قد انسحبوا من الجبال التي تتخللها وديان جميلة جدا، وو جدنا بقايا سيارات مشتعلة، ومكثنا هناك يومين ولما اكتشفت البوليزاريو الأمر – عبر التصنت على أتصالاتنا فيما يبدو- قامت باستهداف القوات المغربية ودمرت عدة سيارات وأسرت منهم بعض الجنود، وفي اليوم الثاني طُلب منا الخروج من ام دريكة لنتوغل في واد آخر، وكانت الطائرات المغربية قد تدخلت أثناء الإشتباكات بين البوليزاريو والقوات المغربية في محيط أم دريكه ،وقد تمكنت البوليزاريو من إسقاط طائرة عسكرية مغربية، فطلبوا منا التقدم نحو مكان سقوط الطائرة، فقمنا بذالك ، ووصلنا اليها بعد اشتباكات مع البرليزاريو لكننا وجدناهم قد أسروا الطيار، وقد أعجب العسكريون المغاربة المشاركين في العملية بالجرأة والخبرة العسكرية التين تتحلى بهما قواتنا، فكانوا يقولون لجنودهم أننا نتبع نفس الأساليب القتالية التي يعتمدها العدو ،كما أن قائد القوات المغربية في الداخلة أثنى علي شخصيا، حيث نقل لي عنه أنه لم يتصل في وقت من ليل أونهار بي إلا ورددت عليه فورا، وبالفعل كنت لا أنام طيلة أيام معارك حرب الصحراء
يتواصل…