أقلام

مذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيداله(الحلقة27)

 

مذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيداله

من القصر إلى الأسر

الحلقة 27

…من جهة أخرى أذكر أيضا في إطار التفاعلات التي رافقت الهجوم على ازويرات في فاتح مايو 1977 تلك الإعتقالات على الهوية التي تعرض لها بعض سكان المدينة والتي تعكس في بعض جوانبها حجم الأزمة المجتمعية التي أفرزتها الحرب في تلك الفترة، فبعد هذا الهجوم شنت السلطات حملة مداهمات واعتقالات واسعة في صفوف سكان ازويرات المنحدرين من أوصول صحراوية ، وهي حملات كانت تقوم على أساس وشايات بدافع تصفية الحسابات وكانت تحدث خلالها تجاوزات غير مقبولة وهذا ماحدا بي خلال زيارة وزير الدولة للسيادة الداخلية أحمد ولد محمد صالح إلى تنبيهه في اجتماع عام إلى أنه من غير المقبول أن نخرج لمطاردة البوليزاريو فيخلفنا البعض في أهالينا بالإعتقال والإهانة، وبالفعل استنكر الوزير هذه التصرفات ،واعطى تعليمات للعقيد مبارك ولد بونامختار وزير الدفاع وقائد الأركان بمتابعة هذا الموضوع ووضع حد لمثل هذه التجاوزات

-إنقاذ كادير… وترقيتنا إلى رتبة مقدم

بعد مهاجمة البوليزاريو لزويرات صيف 1977 وقصف المدينة من بعيد بالمدفعية الثقيلة، شرعت القوات المسلحة في الرد على هذا القصف ، وفي هذا الإطار قام الرائد محمد ولد اباه (كادير) بالتحليق بطائرته لمطاردة القوات المعادية ، ورغم أن الطائرة التي كان يقودها كانت عتيقة وبطيئة فإن شجاعته وجرأته جعلتاه يقوم بالتحليق على ارتفاع منخفض من أجل تقصي آثار سيارات قوات العدو، وكانت قوات البوليزاريو المذكورة بعدما توغلت في الصحراء وصارت على بعد150 كلم من ازويرات توقفت لأخذ استراحة عند ” كود تورين كرورن” وهي منطقة تقع بين ازويرات وبير أم كرين ، وفجأة وجد كادير نفسه فوق قوات البوليزاريو مباشرة ، فأراد أن يحلق على ارتفاع أعلى لتفادي إسقاط طائرته من قبل القوات المعادية، لكن قوات البوليزاريو تمكنت بالفعل من إصابة الطائرة بقذيفة بشكل مباشر ، وهذا ما أدى لتحطمها على بعد كيلومترات من الموقع الذي تم استهدافها منه ، فشتعلت فيها النيران واستشهد عنصر كان يرافق كادير على الفور ونجا كادير ومرافقه الثاني باعجوبة
وفي خطوة ذكية قرر كادير ومرافقه ترك مكان تحطم الطائرة تحسبا لوصول قوات العدو للمكان، وبالفعل وصلت قوات البوليزاريو إلى المكان ووجدت حطام الطائرة وقامت ببحث في أرجاء المكان بحثا عن الطيار ومساعده، لكنهالم تعثر على أي أثر لهما ،فقد كانت الرياح شديدة في ذالك اليوم ، ولم يكن ماحدث سوى تجل من تجليات القدرة الإلهية، فقد اقتربت إحدى سيارات البوليزاريو حتى صارت على بعد أمتار معدودة من الشجرة التي يختبئ ورائها كادير ورفيقه ومع ذالك لم ينتبهوا لوجودهما، وعندما لم تعثر القوات المعادية على أثر للطيار ومرافقه ظنت أن من كانوا على متن الطائرة لقوا مصارعهم واحترقوا داخلها، خاصة أنهم وجدوا رائحة لحم بشري تنبعث من حطام الطائرة إذأن أحد مرافقي كادير – كما أشرنا آنفا- قدلقي مصرعه ، فقام عناصر البوليزاريو بقص قطعة من ذيل الطائرة مطبوع عليها العلم الوطني وكتبوا على بقية هيكل الطائرة( لقد هلك كل من كان عليها)
وأثناء زحفنا على آثار القوات المعادية أخبرتنا القيادة أن الرائد كادير كان قد أخبرهم أنه يحلق فوق وحدات القوات المعادية قبل أن ينقطع الإتصال معه فجأة مما يرجح فرضية سقوط طائرته، وطلبوا منا البحث عنه وعن رفيقيه بشكل مكثف ، وهي نفس التعليمات التي صدرت للوحدات في البير وآوسرد ، فقدكان فقدان كادير يمثل خسارة كبيرة للقوات المسلحة فهو ضابط سام وطيار فذ، وعثور البوليزاريو عليه حيا أو ميتا كان سيمثل صفعة معنوية لايمكن لقواتنا تحملها، ولذالك بذلنا جهودا كبيرة في تمشيط تلك الصحراء المترامية وسط أحوال جوية سيئة للغاية دون أن نعثر على أثر للطائرة طيلة اليوم ، وهو ماستدعى من القيادة إصدار أوامر بوقف عمليات البحث التي كانت تشارك فيها طائرات مغربية، لكني شخصيا رفضت التوقف عن البحث، وكان رفضي موفقا فعندما استئنفنا عملية البحث في اليوم الموالي -رفقة بعض الأدلاء المهرة -عثرنا على أثر لسيارة وهي تحاول الخروج من الرمال ، فعرفنا يقينا اتجاهها فلزمنا خط سيرها وفي عصر اليوم الثاني وصلنا المكان الذي كانت قوات العدو قد نزلته للإستراحة، حيث عثرنا على بعض قوارير المشروبات، وهنا أصبح واضحا لنا أن طائرة كادير استهدفت من هذا المكان وأنه من الراجح أنها سقطت في نقطة ما من هذا الحيز، فواصلنا السير قليلا قبل أن يخبرنا أحد الأدلاء أنه يرى من بعيد مايشبه الصخرة وانه وفق خبرته الطويله مع تضاريس هذه المنطقة فإنه لم تكن توجد أي صخرة في ذاك المكان، فتقدمنا نحو الصخرة المفترضة، فلما وصلناها إذابها طائرة الرائد كادير، فطلبت من الجنود أخذ الحيطة خشية أن تكون القوات المعادية قد زرعت الغاما حولها، فتحركنا في المحيط نبحث عن كادير ورفيقيه وفجأة أخبرني مساعدي الملازم أول ” بريكه ولد امبارك” عبر جهاز الاتصال قبيل الغروب أنه عثر على كادير ورفيقه وهم في آخر رمق، فحاولنا ربط الإتصال مع القيادة لإبلاغها بخبر العثور على كادير ورفيقه وهم أحياء ففشلنا في ذالك، لكننا تمكنا من ربط الإتصال مع الرائد أحمدو ولد عبدالله في مدينة الداخلة وأبلغناه وهو بدوره أبلغ القيادة

يتواصل….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى