رسالة من مقدمي خدمة التعليم لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني
صاحب الفخامة، في ظل الاحتجاجات التي تولدت عن اعتصام مفتوح لمقدمي خدمة التعليم على مدى نصف شهر رافقه زخم إعلامي كبير، وتعاطف وتضامن ينم – في بعضه – عن جهل بحقيقة هذه الفئة، نتيجة لغياب بعض التفاصيل الدقيقة، أود أن أحيط علمكم الكريم بالتفاصيل التي توضح بشكل مفصل حقيقة هذه الفئة وظروف عملها وطبيعة انتقائها مرورا بمطالبها الموحدة :
أولا : طريقة الاكتتاب أو الانتقاء: تم انتقاء هذه الفئة عن طريق مسابقة شفافة نظمتها وزازتا التعليم الثانوي والأساسي بالإضافة لوزارة الشباب والرياضة آنذاك، وقد طبعت المسابقة بشقيها الكتابي والشفهي، بشفافية تامة وظروف جيدة توافقت بشكل كامل مع طببعة وظروف مسابقات دخول الوظيفة العمومية ومدارس التكوين بشكل خاص، والكلام هنا لوزير التعليم الثانوي ماء العينين ولد أييه
ثانيا : التكوين: لقد مرت هذه الفئة من المدرسين بتكوين مكثف مدته أسبوع، على يد خيرة من المفتشين الوطنيين
مكنها من اكتساب مهارات التدريس وتبيُّن طرقه المتعددة مساهمة في إثرائهم بالتجارب الميدانية التي يحظى بها المفتشون
ثالثا: النزول للميدان: حمل هؤلاء المدرسون العبء الذي يتحمله نظراؤهم الرسمييون، فيكاد يجزم العارف بدهاليز مهنة التعليم بعدم وجود فروق تذكر بينهم، لا في طرق التدريس ولا في المعارف العلمية ولا في الشهادات العليا ولا في مناهج التدريس، اللهم إذا استثنينا العائق المادي الذي يحول بينهم والإنصاف والعدالة، فأغلبهم من هواة التدريس متعاقدا سابقا كان أو مدرسا في المدارس الحرة، ولا أدل على ذلك من شهادة الوزير نفسه بعد اجتماعه بالمفتشين الميدانيين ولكم في تقييم مديري المدارس برهان وشاهد
رابعا: ظروف العمل، يكاد يجمع الجميع على أن ظروف التعليم بشكل عام في أسوإ حلاتها مقارنة بغيرها من الوظائف الأخرى، لكن وضعية هذه الفئة لا تدرك بالمقارنة ولا التخمين فقد ذاقوا الأمرين في السنة الماضية ولا يخيل إليكم أن الأمر راجع لكونها سنة عصيبة بسبب الجائحة المرضية، بل جائجة احتقار الوزارة وضبابية التعامل معهم هي الأدهى والأمر
وإليك مظاهرا مختصرة من وضعيتهم البائسة:
1- تم توجيهم إلى الداخل لتغطية النقص الحاصل فيه، وفي الأمر ما فيه، لمن هو على اطلاع به، فظروف القرى النائية وصعوبة العيش فيها هي التي أدت إلى عزوف المدرسين بل وخروجهم مكرهين عن عالم التدريس
2- لم يحترم العقد مضامين القانون المنظم للموظفين والوكلاء العقدوين القاضي بمساواتهم بنظرائهم الرسميين في الامتيازات والعلاوات، فإذا استثنينا علاوة البعد (وقد كانت أضعف علاوة من علاوات المدرسين) يتضج جليا أنهم حرموا ظلما وعدوانا من كل امتياز أو علاوة، وفي علاوة الخطر الأخيرة التي ضنت بها الوزارة عليهم، ما يغني عن الخوض في المسكوت عنه
فلكم أن تتصوروا مدرسا يزاول مهنة بالطبشور ويتنقل للداخل ويمرض ويعيش في قرى نائية بلا علاوة ولا تأمين صحي ولا حتى مستقبل يضمن له المساواة مع نظيره الرسمي، فلا يبأى عليه المدرس الرسمي إلا بصفته تلك (الرسمي) فلا الشهادة – التي لطالما حلم أن تحقق له مستقبلا مشرقا – كانت له سندا يقيه مرارة هذا الواقع البائس، ولا تذوقه – مكرها – عيشة ضنكا في الداخل، ناء عن الأهل والأحبة
حتى النساء من هذه الفئة كانت معاناتهن أشد وقعا في النفوس وأكثرها ظلما وعنجهية، فالعقد عقد خدمة لا يشمله القانون المنظم للمهنة، وجراء ذلك حرمن من كل امتياز حتى في الظروف الخاصة مثل الحمل وساعة الرضاعة…
3- التعويض: يحصل العقدوي المعلم على 6000 والأستاذ باختلاف في سلكه الأول والثاني على 7000 لم ترحم الخزينة ظروفه المأساوية، ولا منعها ذلك من اقتطاع ضريبتها على الدخل عند المنبع (2% )
ومع ذلك لم يحصل على تعويضه ذاك إلا بعد شهرين ونيف من مزاولة مهنته الشاقة لي
نتظم بعرج دخوله بعد لأي وجهد مضن في كل ميعاد يحل فيه، من النائب محمد امبارك وبعض الزملاء من هنا وهناك
ليستقر بعد ضمان من الأمين العام في اليوم الخامس من الشهر الموالي على حد تعهده، وكأن الوزارة تصر على رغبتها التي تصل حد النشوة في تأخير هذه الفئة – من ناحية التعويض المادي – عن فئة الرسميين
ثالثا: مطالب المعتصمين مذ نصف شهر أمام وزارة التهذيب:
تجمع النقابات التي ترفع مطالب مقدمي خدمة التعليم على تجميع المطالب في مطلب وحيد وهو الترسيم في الوظيفة العمومية، وهنا أنتهز الفرصة من خلالكم لأنير الرأي العام حول هذا المطلب
إن مطالبتنا بالترييم ليست محض هراء أو تعجيز أو مخاضا تولد من جهل بالقانون أو بحثا عن تمييع لقضيتنا أو ركوب موجة الاحتجاج والتصعيد أو اجترار بدعة لم يسبق وأن أتتها وزارة التهذيب الوطني، ليكن في كريم علمكم أن أول من طرح قضية الترسيم هو وزير التعليم الثانوي… ليتبعه الوزير الأول الحالي في معرض استعراضه لبرنامج حكومته أمام البرلمان وقد ردد بالضبض مضمون حديث وزير التهذيب الوطني القاضي بترسيم من أثبت جدارته وفق خطة ستعرضها الوزارة بالتشاور معنا قبل انتهاء العقد
واليوم وقد طواه الزمن، لم تُعرض لحد الساحة تلك الخطة، ولم تكشف الوزارة عنها وقد اجتمعت ممثلة بمدري المصادر البشرية والتعليم الثانوي والأساسي مع ممثلين عن مقدمي خدمة التعليم في اليوم الثاني من الاحتجاج، بل اقتصر المحاورون على ترديد كلام الوزير وتبني وزارته للترسيم شريطة أن يقضي مقدمو خدمة التعليم فترة التكوين في الميدان باعتبارهم متربصين بصفة قانونية (وهو ما يغيب للأسف عن البعض) وهو الأمر الذي قبله الممثلون، لكن وفق خطة زمنية معلومة الأجل لا تتجاوز فترة التكوين وأمده المعلوم، وتضمن لهم حق الولوج جميعا دون قيد أو شرط وهم حرِيُّون به وقد تجاوزوا مرحلة اختبار الكفاءة العلمية وأمضوا سنة ميدانية أثنى عليها الوزير والمفتشون
لكن الوزارة عرضت فكرة “التدرج” وفق خطة صرح المديرون أنفسهم بجهلهم لمضامينها التفصيلة، وأكدوا أن من ذهب لميدان التدريس فقد جدد عقده تلقائيا وهو ما حمله الممثلون على الازدراء وعدم التجاوب
ونتيجة لذلك أحيط علمكم الكريم إلى أننا لا نحمل الوزارة ما لا تطيقه ولا نطلب المستحيل بل نطلب أن تكشف الوزارة عن خطتها التي التزمت بها وقد حان أجل الوفاء بتعدهات الوزير الأول ووزير التعليم
ونؤكد أنه لاتخاذل ولا تفاوض يفضي إلى التنازل قيد أنملة عن حقنا في الاستفادة من الترسيم وفق خطة زمنية معقولة تضمن حقنا مجتمعين في الولوج للوظيفة العمومية والاستفادة بالتالي من كل تلك الامتيازات التي حرمنا منها ظلما وعدوانا وتجنييا على ما يربو على 4000 آلاف من حملة الشهادات الأكفاء
نحمل الوزارة تبعات التعنت وعدم التجاوب معنا، ونؤكد أننا ماضون في الاعتصام حتى تحقيق المطالب فلا صوت يعلو فوق صوت ميدان النضال فله الكلمة الفصل
وفي الختام نطلب منكم شخصيا التدخل لإنصافنا ورفع الظلم عنا وتمكيننا من مطلبنا الذي نسعى إليه
تقبلوا فائق التقدير والاحترام
المعمر محمد أحمذي