نقطة نظام / إسلكو أحمد إزيد بيه
نقطة نظام
عجبا ل-“الحربائيين” المتمرسين و”الحربائيين” المتربصين على حد السواء، فجفاء المنطق لديهم بديهي تماما:
إذا كان سبب الشرخ -حسب ما يروجون له الآن- الذي أصاب الصداقة الأربعينية بين شريكي “العشرية” الرئيسيين هو “الخذلان السياسي خلال الحملة الأخيرة” أو “أموال هذه الحملة والحملات الفارطة”، فلماذا لا تتم محاكمة الرئيس السابق على أساس هاتين التهمتين؟ خاصة أنهما لا تمتان لمؤسسات الدولة بأية صلة… ولماذا كل هذه العملية التمويهية والالتفاف الواضح تحت يافطة “الفساد” وكل هذا الزج بالسلطات الثلاث والدوس على دستور البلاد (المادة 93) وانتقاء “عشرة” ملفات فقط ضمن عشرات المئات وكل هذه “التضحية” بكرامة قلة من الموظفين السابقين دون غيرهم وكل هذه “الطمأنة العدلية” للبعض (حتى) قبل وصول ملفاتهم القضاء الجالس وكل هذا الاستنفار المكلف للأحزاب السياسية و المحامين ومنظمات المجتمع المدني والصحافة والمدونين…، في حسم خلاف من هذا النوع؟ ألا يؤكد هذا كله الطبيعة السياسية المحضة لملف الرئيس السابق ونية التشويش على القضاء بخصوصه ومحاولة مكشوفة لشيطنة الرجل لدى الرأي العام؟
ألا تهدد هذه الجعجعة السياسية-الإعلامية-الانتقائية بوأد متعمد ونهائي لآمال كبح جماح الفساد الميداني؟
رغم كل ما حصل، فإنني لا زلت مقتنعا بأن المصلحة العامة والحكمة تقتضيان إيجاد صيغة ما لحل الخلاف المؤسف الذي نشب (بإيعاز من جهات معروفة) بين رئيس البلاد الحالي وسلفه ؛ وأملي كبير في أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن وأن نطوي هذه الصفحة السياسية سيئة الإخراج ويتفرغ المسؤولون العموميون لمعركة مصيرية وجادة ضد الفساد المالي والإداري في كنف العدل والمساواة ولجهود تنمية البلاد…
ملاحظة أخيرة:
لقد تراجعت -ولله الحمد- التسجيلات السمعية-البصرية مجهولة المصدر التي ظلت تنهش أعراض أشخاص بعينهم، خاصة الرئيس السابق وخلفه، وهذا التراجع أمر إيجابي ومشجع للغاية، وآمل أن تعمل الجهات الخفية التي تقف وراء هذا النشاط السلبي (والسخيف) على أن يصل عدد التسجيلات الجديدة إلى الصفر ويتم حذف السابقة منها، فهي تشكل مذمة أخلاقية وجبنا سياسيا وخطرا أمنيًا.
فحرية التعبير (في النظام الديمقراطي) مرتبطة بمسؤولية (واجب) “توقيع” المواقف والآراء إضافة إلى احترام الحياة الخاصة للأفراد ؛ ويزداد اليوم هذا الارتباط أهمية، بعد أن أصبح النشر والتوزيع آنيين و بات التوهيم والتمويه في متناول الجميع.