حنفي دهاه يكتب عن المواجهة بين عزيز وغزواني (مقال )
المواجهة بين الرئيس محمد ولد الغزواني و سلفه محمد ولد عبد العزيز حتمية، بمقتضى الحال و استشراف المآل.. و قد كان جلياً أن الرئيس، الذي يدفن أعصابه في كثبان سيبيريا البيضاء، ليس هو من سيطلق شرارتها، و إنما ذلك الأرعن المتهور، الذي لا يبين حتى مواقع خطوه فوق الكثيب الأعفر.
يبدو أن ولد عبد العزيز ما إن أناخ ركائبه التي استحثها شهوراً ثلاثة، ما بين تركيا و عواصم أوروبية تموت من البرد حيتانها، حتى احترقت أعصابه، و فار تنوّر أنانيته، و أورى الحنين للسلطة زَنده في مشاشه و كتده.. فهو لم يعد مستعداً لأن يعيش في هذه البلاد فاقدَ السيطرة و النفوذ…!
غير أن مستنطق خفايا و خبايا الواقع السياسي في البلاد، سيرى أن الحقيقة الكاشفة، كالشمس رأدَ الضحى، هي أن خطاب ولد عبد العزيز البارحة في مقر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لا يمكن وصفه بأقل من “الانتحار السياسي”.
إن ولد عبد العزيز رجل شديد الحيطة و الحذر، لأن جبنه الذي يحاول أن يعكس خلافه، يدفعه للإسراع – حدَ التدهور – في مبادراته الوقائية، و لا شك أن خبثه ربما أوعز إليه بأن يمسك على غزواني ملفات فساد أو تسريبات من حياته الخاصة، غير أن التهديد يبقى قبل تنفيذه مجرد تهديد، و يصبح بعده ورقة محترقة.
السبب اليتيم لتشبث بعض السياسيين بولد عبد العزيز هو اعتقادهم أن له سلطة ما على ولد الغزواني، و هو ما سيتلاشى كفقاقيع صابون عند أول استدارة حاسمة لولد غزواني. فلو توفرت لولد الغزواني مثلاً الجرأة على اتخاذ قرار اليوم بالعفو عن ولد بوعماتو و ولد الشافعي لقطعت بذلك “جهيرته” كل قول لخطيب الاتحاد من أجل الجمهورية. و لوجد من هذين الرجلين بما لهما من إمكانيات مادية، و علاقات واسعة، و تجربة في المناورة السياسية، ظهيراً له في معركته القادمة مع الرئيس السابق.
كان ولد عبد العزيز متشنجاً في خطابه البارحة، عديم اللباقة و اللياقة، ناضحاً بالغرور و الأنانية، غير أن غباءه ظل يحجب عنه مكامن ضعفه: فاستبداده بممارسة الحكم، و تجاوزاته الدستورية، و ملفات فساده، و ثروته الهائلة، و مصالحه التجارية الموزعة داخل البلاد و خارجها، و نهب أفراد أسرته المنظم لخيرات البلاد، و تنصته على المواطنين، و فضائحه في أكرا، و علاقاته مع عصابات الجريمة المنظمة، و غير ذلك.. كلها مُدىً قمينةٌ بذبحه سياسياً من الوريد إلى الوريد.
إن تردد ولد غزواني في حسم المعركة هو ما يطيلها، و بعض أوراق ولد عبد العزيز المهمة إنما منحه ولد الغزواني إياها، و الضمان الوحيد له بأن لا تتناوشه ضباع و سباع خصومه – وهم كثر- هي حماية ولد الغزواني له، و عهده له الذي “لامعنى له”.. و لكن يبقى استيعابنا لصبر ولد الغزواني على استفزاز “صديقه” و ابتزازه مرهونا بمعرفة ما يمسكه عزيز على غزواني..
.. إنه لغز و أيمِ الله، و لكن مهما يكن فالمواجهة قدرٌ قادم.!