الأخبار

غزواني و خطاب المليون دولار /حنفي دهاه

 

 

لو كنت رئيس دولة فقيرة مثل موريتانيا لما شاركت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ليست سوى مهرجان استعراضي لتبادل الخطب الجوفاء، التي لا تسمن و لا تغني شعباً من جوع.
لو قمنا بحساب ما أنفق ولد الغزواني و مرافقوه في رحلته النيويوركية، بتذاكر الدرجة الأولى و الإقامة في فنادق خمس نجوم، و بتكاليف المطعم و المشرب، و تعويض غزواني اليومي الذي يبلغ 25 ألف دولار و تعويضات وزراءه التي تبلغ 5 آلاف دولار يومياً، لأربت تكاليف الرحلة على مليون دولار أمريكي أي زهاء ثلاثمائة و سبعين مليون أوقية.
في النرويج و النمسا و هما بلدان غنيان لا يسافر الوزراء على حساب الدولة في الدرجة الأولى، و إنما يركبون حيث الركاب العاديون.
و في سبتمبر 2017 ثارت ثائرة الفرنسيين لأن رئيس الوزراء ادوارد فيليب استأجر و فريقه البالغ عدده خمسين شخصاً طائرة خاصة للعودة على وجه السرعة من طوكيو لباريس بما قدره 350 ألف يورو، و قد تمت مسائلته أمام البرلمان الفرنسي ليبرر ذلك بأنه كان “من الضروري أن يكون موجوداً في فرنسا قبل مغادرة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الجزائر يوم 6 ديسمبر، لأنه لا يمكن أن يكون الرئيس و رئيس وزراءه غائبين في ذات الوقت”، و قال “إن رحلته كانت لكاليدونيا الجديدة، و بما أن استئجار طائرة منها لفرنسا يكلف مليون يورو، فقد انتقل و طاقمه لطوكيو في رحلة عادية ليأجروا الطائرة منها بقرابة ثلث المبلغ”. و قد رأى البرلمان الفرنسي في تبريرات أدوارد ما يقنعه.
بهذه العقلية في احترام المال العام يمكن للأمم أن تنمو و تسمو، أما الاستهتار بالثروة العامة لبلد فقير مثل موريتانيا فمنافٍ للقيم و الأخلاق.
لقد كلفت أسفار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من 26 أكتوبر 2009 إلى 24 إبريل 2019 خزينة الدولة الموريتانية 6.256.390.686 أوقية قديمة.
كما قد أنفق ولد الغزواني و فريقه أكثر من 350 مليون أوقية في الرحلة إلى نيويورك ليلقي خطبة عصماء عن إنجازات “عشرية ولد عبد العزيز” ثم يعود أدراجه، لبلاد تنقطع فيها الكهرباء انقطاع أنفاس المرضى في مستشفياتها البائسة.

فماهو مردود خطاب ولد الغزواني الأهوج في تلميع حقبة عزيز على المواطن الموريتاني، الذي يحتاج مدارس لأولاده و مستوصفات توليد لنسائه اللاتي يفارقن الحياة أثناء الولادة و هن ينقلن من افريگ أو اگصر أو أدباي إلى حيث يرجون ولادة متيسرة.
كم يمكن لهذا المبلغ أن يرمم من مدرسة جرفتها السيول؟!.. و كم يشيد من مستوصف للتوليد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى