مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله(الحلقة 50)
مذكرات الرئيس محمدخونا ولد هيداله
من القصر إلى الأسر
الحلقة 50
لما توليت الحكم أسندت قيادة الأركان لأحمدو ولد عبدالله أو على الأصح أبقيته عليها، وعينت سومارى سليمان مساعدا له وعينت الرائد محمد الأمين ولد الزين على إدارة الأمن لأنه كان ضابط درك ممتاز، كما اوكلت قيادة الدرك للمقدم معاوية ولد الطائع، وكان على خلاف قبل ذالك مع المصطفى وبوسيف ، رغم أنه لم يكن داخلا في خلافات أجنحة الضباط ، وإنما كان خلافه معهما لأسباب شخصية، كان خلافه مع المصطفى بسبب إقالته له من وزارة الدفاع وتعيين كادير خلفا له، وتعيينه على منصب لم يعجبه، فكان ذالك سببا لاستقالته من اللجنة، أما خلافه مع بوسيف فكان بسبب تراكمات قديمة، لذالك لماتولى بوسيف قيادة الأركان عام 1976 قام بتحويل معاوية إلى بير أم كرين، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يعين فيها في موقع خارج انواكشوط ، وحين تولى بوسيف رئاسة الوزراء، كان ينوي إقالته من عضوية اللجنة العسكرية، لكني طلبت منه الإبقاء عليه عضوا فيها
مع أن الرئيس لولي كان يتمتع بصلاحيات محدودة ، ولم يكن يسعى لتدخل كبير خارج صلاحياته، فقد جرت بيني وبينه خلافات، أو على الأصح تباين في الآراء حول عدد من القضايا، من بينها قرار البقاء في “لكويرة” فقد كان رأيه ورأي عدد من الضباط أننا إذا قررنا الخروج من الصحراء فليكن ذالك خروجا منها كليا دون استثناء “لكويرة” أما أنا فكنت أرى أن موقع لكويرة استراتجي بالنسبة لنا، ولا يمكننا التفريط فيها تحت أي ظرف، أما القرار الثاني الذي كان موضع اختلاف في آرائنا فقد كان إرسال الرئيس المختار إلى فرنسا للعلاج، إذكان رأيه هو ومجموعة من الضباط أن يكون علاجه داخل البلاد، وإن اقتضى الأمر استدعاء أطباء أجانب فلا مانع من ذالك
أما القرار الثالث فقد كان قرار إحالة الضباط الكبار ( احمد سالم ، فياه، أمبارك بونه مختار ) للتقاعد ، حيث لم يستحسن ذالك فقد كان أحمد سالم وفياه مساعدين له وفي الحقيقة لم يكن هذا القرار موفقا رغم أن هدفي من ورائه ليس إقصاؤهم، وإنما لأني كنت أرى أن بقائهم تحت قيادة ضباط أدنى منهم رتبا يشكل إهانة في حقهم، كما أنهم كانوا يعرقلون خططنا، لكن كان بالإمكان بدل ذالك تعيينهم سفراء
وأرجع لقرار السماح للرئيس المختار بالسفر للعلاج لأشرح دواعيه، فقد أرسل لنا رسالة يشكو من خلالها من أنه يعاني من متاعب صحية ،فأرسلنا له الطبيب العسكري” فاسو نيرا” ولما عاد من عنده قدم لنا تقريرا جاء فيه أنه يعاني من تورم في الكبد، لذالك رأيت أن وضعه يستدعي فعلا سفره للخارج على جناح السرعة على أن يعود بعد تلقي العلاج ونطلق سراحه بعد ذالك، طلبت من وزير الخارجية أحمدو ولد عبدالله ( المدني) أن يتصل بالسفارة الفرنسية لتعمل على تزويدنا بطائرة تنقله إلى باريس، ويأخذ عليهم تعهدا بعودته فور انتهاء فترة علاجه، وقد تعهدوا بذالك شفهيا، أرسلنا للمختار من يأتي به من ولاته ولما حطت طائرته في مطار نواكشوط بعثت إليه قائد الأركان أحمدو ولد عبدالله يحمل إليه بعض الملابس، وطلبت منه إبلاغه بأننا نريد منه العودة بعد أن يتماثل للشفاء حتى يتسنى لنا إطلاق سراحه بشكل نهائي، لكنه بعد تعافيه وخروجه من المستشفى لم يعد ممااستدعى مني إرسال وزير الخارجية المعين حديثا محمد المختار ولد الزامل إلى الفرنسيين لتذكيرهم بتعهدهم لنا بعودته، فردوا علينا بأنهم لايستطيعون إجباره على العودة إذا لم يكن يرغب في ذالك، كما أنكروا أنهم تعهدوا لنا بإعادته وأن ذالك كان مجرد كلام مجامل من السفير
يتواصل….