الراية تنشر كلمة وزير التوجيه الإسلامي في حفل تكريم الفائزين في مسابقة المتون الفقهية
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
فخامة رئيس الجمهورية،
معالي الوزير الأول،
السيد زعيم المعارضة،
أصحاب المعالي الوزراء،
أصحاب السعادة السفراء،
فضيلة الأمين العام لهيئة العلماء الموريتانيين،
أصحاب الفضيلة العلماء،
السادة المثقفون، أصحاب الفكر والقلم،
أيها الجمع الكبير،
إنه لمن السوانح الرائقات أن يتجدد هذه اللقاء بكم في هذا اليوم المبارك الذي يشهد الاحتفاء بحملة ميراث النبي صلى الله عليه وسلم.
فخامة رئيس الجمهورية،
إن اهتمامكم البالغ بالوفاء بالتعهدات التي جعلتموها ميثاقا بينكم وبين الشعب الموريتاني كان جليا وبارزا من أول يوم، فكانت أوامركم عازمة وحازمة، لم تفت فيها الظروف القاهرة التي تعرضت لها البلاد في سياق عالمي ضمن أزمة كوفيد-19، حيث ظلت إرادتكم الصادقة التي تتحدى عاتيات الصعاب بسكينة لا ضجيج فيها ولا صخب سندا قويا بعد الله تعالي لنا في قطاع الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الذي قطع خطوات متقدمة في الوفاء بالتعهدات المتعلقة به.
لقد تعهدتم في برنامجكم الانتخابي على وجه الخصوص بتعزيز ودعم المحاظر، وكان للوفاء بهذا التعهد روافد عديدة من ضمنها هذه الجائزة الفريدة من نوعها في العالم الإسلامي بشهادة كبار العلماء داخليا وخارجيا، وهي الجائزة التي تتشرف اليوم بترأسكم لحفل توزيع جوائز نسختها الثانية.
فخامة رئيس الجمهورية،
لا شك أن المحظرة الموريتانية التي هي صانعة مجد هذه الربوع، ورافعة ذكرها بين العالمين، قد أسدت بعلومها الجمة وقيمها السمحة لجميع الأمة جيلا بعد جيل وخلفا بعدل سلف إحسانها الوافر وعطاءها الزاخر، لكنكم بإنشاء هذه الجائزة المباركة تعاملتم مع المحظرة بمقتضى قوله تعالى {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} فترنمت إشادة وإنشادا:
يا أيها المحسن المشكور من جهتي
والشكر من قبل الإحسان لا قبلي
ناديت مجدك في شعري وقد صدرا
يا غير منتحل في غير منتحل
لأن حلمك حلم لا تكلفه
ليس التكحل في العينين كالكحل
إن هذه الجائزة تشكل وفاء لإرث علمي تاريخي مجيد لهذه البلاد، وعملا على استمرار العطاء المحظري الفريد، وإكبارا لأهل العلم، وتحفيزا لطلابه، واحتضانا لقرائحهم وهممهم العالية، وهي فوق ذلك تشكل حفاظا على بيضة الإسلام الذي تضرر كثيرا من تصدر غير المؤهلين لمنابر الفتوى والإرشاد، فتصدر هؤلاء هو أول شرارة في الانحراف الفكري والغلو وإشاعة الفتن والتضليل.
والعمل في هذا السياق يدخل أيضا في إطار تعهدكم التأطيري الذي قلتم فيه بالحرف: “إن الدفاع عن شريعتنا الغراء وقيمها السمحة الحقة التي يطبعها التسامح سيبقى المبدأ المحرك الذي يوجه مجمل نشاطي، ولن أقبل أي انتهاك لهذه القيم، كما سأرفض في الوقت ذاته أي توظيف منحرف لديننا الذي يشكل العروة الوثقى الضامنة لوحدتنا الوطنية” انتهى الاستشهاد.
إن هذه الجائزة استطاعت أن تبرز من خلال مسابقتها العلمية الكبرى علماء شبابا متمكنين، نحتاج علمهم وفهمهم وسعة أفقهم وانتصابهم قدوة علمية ملهمة لأجيال اليوم، وحصنا منيعا أمام عواصف التطرف والانحراف الفكري المتولد من العاطفة الدينية غير المتفقهة، فهؤلاء الفائزون يمثلون بحق- وبشهادة كوكب من كبار العلماء أشرفت على التصحيح بكل نزاهة وشفافية- مخرجات المحظرة الشنقيطية ذات الأفق الرحب والفنون المتشعبة التي فيها تجمع سيبويه ويوسف والكاتبي والأشعري وأشعب.
سيدي رئيس الجمهورية،
إنه لمن دواعي الغبطة والسرور حقا مبادرتكم الكريمة ضمن هذا الحفل بتوشيح شخصية علمية كبيرة جمعت بين الأصالة والمعاصرة ومزجتهما مزاجا ينبئ عن عبقرية فذة ستبقى مصدر إلهام فريد في هذه الربوع، إنها شخصية العلامة الدكتور محمد المختار ولد أباه، الابن البار للمحظرة الشنقيطية التي تشبع من علومها ونهل، قبل أن ينال أعلى الشهادات من أرقى الجامعات الدولية، وهو الكاتب والمؤلف الذي أتحف المكتبات الإسلامية والعالمية بروائع الكتب، وترجم معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية ترجمة اعتبرت من روائع الترجمات، وكانت له بصماته الخالدة على مختلف مناحي الخدمة الوطنية.
فهنيئا لكم فخامة الرئيس بهذه اللفتة الكريمة، وهنيئا للدكتور محمد المختار ولد أباه بهذا التوشيح الوطني المستحق، وهنيئا للفائزين العلماء الشباب بهذا التألق والتفوق، وهنيئا لنا جميعا وللوطن بهذا المشهد الذي يبعث الشعور بالفخر والاعتزاز الوطني.
وفي الأخير أختم بالصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم القائل “من يرد الله به خيرا يفقه في الدين”.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.