حرية الرأي والتعبير..الضوابط والقيود / عبدالله اندگجلي
مما لاشك فيه أن حرية الرأي والتعبير تعد جوهر الديمقراطية وأساسها القويم إذ لايمكن تصور ديمقراطية بدون حرية كما لايمكن وضع القواعد القانونية الناظمة لمؤسسات الدولة والعلاقة بين افراد المجتمع دون مراعاة ما للجميع من حق في حرية الرأي والتعبير التي كرستها المواثيق الدولية والإقليمية والدساتير والقوانين المحلية كالاعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاعلان الافريقي لحقوق الانسان والشعوب ودستور الجمهورية الاسلامية الموريتانية الصادر في 20 يوليو1991 .
بيد أن تلك التشريعات وإن كانت قد كرست الحق في حرية الرأي والتعبير الا انها لم تجعل منه حقا مطلقا علي خلاف ما لدى البعض من تصورات بل قيدته بضابط القانون وهو ما يظهر من خلال مناص عليه الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته التاسعة والعشرين التي جاء فيها “ان الفرد لايخضع في ممارسته لحقوقه وحرياته الا للقيود التي يقرها القانون وهو نفس ما أقره دستور 20يوليو 1991 في مادته العاشره التي جاء فيها “ان الحرية لاتقيد الا بالقانون ولعل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كان الأكثر وضوحا في تحديد تلك القيود من خلال مانص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 19 التي جاء فيها أن ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة الثانية من نفس المادة يستتبع واجبات ومسؤوليات خاصة وعلي ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وان تكون ضرورية كأحترام حقوق الآخرين وسمعتهم وحماية الأمن القومى والنظام العام والصحة العامة أو الآداب العامة كما أكدت المادة عشرين أنه يحظر بالقانون اية دعاية للحرب او دعوة للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا علي التمييز او العداوة أو العنف .
هذا ولم تتولد تلك القيود والإستثناءات من فراغ وإنما جاءت ثمرة لمجموعة من المحددات لعل من أبرزها ماتم الإجماع عليه دوليا من مبادئ تتعلق بالمحافظة علي أمن واستقرار الدول الأعضاء وعلي عدم إتخاذ حرية الرأي والتعبير وسيلة لنشر ثقافة التفرقة والفوضي والعنف والسب والتشهير بالآخرين…….. والإنطلاق في ذلك مماتم التعارف عليه من تصنيف للحقوق وتحديد لطبيعتها من حيث هي إذ منها ماهو مطلق كتلك المرتبطة بالفرد ارتباطا شخصيا بحيث لاتؤثر ممارستها علي الآخرين. ومنها ما هو مقيدبطبيعته لمايترتب علي ممارسته دون قيود أو ضوابط من آثار سلبية قد تؤدي إلى إنتشار الفوضي وخلق جو من إنعدام السكينة من شأنه أن يهدد كيان الدولة وأن يعصف بأمنها .
وعلي الرغم مماتم وضعه من قيود وضوابط علي الحق في حرية الرأي والتعبير يبقي هذا الأخير من أكثر المواضيع إثارة وجدلا في الديمقراطيات الحديثة بفعل ماشهده العالم من تطور تكنلوجي شكلت وسائل الإتصال الحديثة أبرز ملامحه فانتشرت بشكل مهول بين أفراد المجتمع فتعاطي الجميع مع وسائل التواصل الاجتماعي من فيسبوك وواتساب وتويتر ويوتيب………بشكل فوضوي وغير معقلن مما جعل الدولة أمام تحد كبير وضع هيبتها علي المحك فلم يعد امامها من خيار سوى سن جملة من القوانين لمواجهة مايتهددها من مخاطر .
والله أعلم