محمد سالم الثاني.. / محمد ناجي أحمدو
محمد سالم الثاني..
باتت بيوت كثيرة البارحة، وهي تغالب دموعها، وتفزع بٱمالها إلى تكذيب الخبر اليقين..
بيوت لا يجمعها نسب واحد، ولا محل إقامة واحد، وإنما يربطها بٱل ألما رابط أعز وأقوى وأبقى من علائق الطين والأرض، حيث يجمع ٱباءها وجدودها خيط، هو النهل من علوم ومعارف البيت الرفيع المصمد، الراسية جذوره في جرعاء تندگسمي، والممتدة فروعه في السماء أنى يممت بحمد الله..
كتب المئات متحدثين عن قتيل الغيلة بعبارة موحدة هي شيخنا وسليل مشايخنا، وتلك هي المكارم، لا ملايين الأرض والشاهقات من الأبنية، وذاك هو المجد لعمر الله..
قبل حوالي ستين سنة شمسية، أفل بدر كانت الأهلة تأرز إليه، واندمج أهل هذا المنكب في مناحة تعدد مناقب المرابط محمد سالم الأول، وكان ديوان مكتمل من غر المراثي الصادقة، وانثلم العلم وتيتمت أبكار المعالي والمعارف والعوارف وعونها..
ثم لم ينشب أن أطل على حي اليداليين الكرام هلال حمل اسم جده، كما حمل أبوه اسم جده، ومن عادة الفرع أن يأتي بما في الأصل ويزيد، ومن خصائص الاسم أن يطابق المسمى..
ورث محمد سالم الثاني تواضع وسمت وهدي وتبحر الأول في الشريعة واللغة، وزاد بكعب عال في الأدبين الفصيح والشعبي..
وهب الله لشهيد الجمعة قبولا وأريحية وعلاقات واسعة مع الناس، وتزين بطب التواضع وعدم التمظر والإعجاب بالنفس، جمعني وإياه يومان قبل خمس سنوات في محفل من أهل الفضل، كان ابن ألما فيه يخدع الحاضرين، حيث يبدو وكأنه مجرد طالب علم، وتلك لعمري رتبة يدالية ينقلها السابق للاحق، حتى إذا أحيل له الحديث جلى وصال وجال، بلا إملال ولا إثقال..
البارحة أجهز محاربون على محمد سالم الثاني، وانتشر الخبر انتشار النار في الهشيم، وكان حزن أكبر وأعم من حزن بيوتات العلم يوم غاب محمد سالم الأول..
من ٱخر ما قام به المرحوم تعزية أشياخ جده وأبناء عمته ٱل اباه في المغفور له المرحوم اباه ولد أوفى، وما كان حاضرو المجلس يتصورون أنهم سنتقلون بعد يوم لمنزله ليشاركوا أسرته الرزء الجلل..
رحم الله شيخنا سليل مشايخنا، ولا غاب النور عن بيت العلم والعمل، وشفى أخانا الأصغر وشيخنا سليله الذي تعرض اليوم لحادث سير مؤلم..
محمد ناجي أحمدو