حوار عن بعد مع دعاة فتح المساجد / محمد الأمجد بن محمد الأمين السالم
لما انتشر وباء كورونا وفرض خطره على العالم ،استنجد الناس بالأطباء، فهم اولوا الذكر المعنيون بالموضوع؛ فاتفق الأطباء على مجموعة من الإجراآت الوقائية التي تحد من انتشار ه منها مثالا لا حصرا : عدم اقتراب الناس بعضهم من بعض المعبر عنه بالتباعد الاجتماعي، والبقاء في المنازل. استجابت جميع دول العالم لأوامر الأطباء؛ فأغلقت دور العبادة ؛سواء كانت مساجد أو كنائس؛ كما أغلقت المدارس والجامعات ،والأسواق والمقاهي والنوادي ،وأوقفت الأنشطة الرياضية و السياحية ،وجندت وسائل الإعلام في التعبئة لكل ذلك .
انخرطت موريتانيا في المسار العالمي القائم على تلك الإجراءآت الاحترازية إذلاخيار لها عن ذلك لكن نازلة صلاة الجماعة والجمعة
في ظل أوامر أطباء العالم بتحريم التجمع والتقارب الاجتماعي ، كانت محل تساؤل المسلمين ،فقال العلماء الكلمة الفصل في الموضوع؛ حيث أصدرت وزارات الشؤون الإسلامية وهيآت الفتوى في كل قطر فتاوى ومقررات، بسقوط الجمعة حفظا للأنفس وفرضت شروط التباعد في صلاة الجماعة للخمس؛ مع إمكانية تعطيلها في المساحد إن تفاقم الوضع ، ورغم تعدد المذاهب الفقهية من مالكية وحنفية ؛ وشافعية؛ وحنبلية وشيعية؛ وأباضية فقد اتفق المسلمون هذه المسألة .
ما كنت أحسب أن يشذ أي مسلم فيرفض هذه الفتاوى، المؤسسة على الفقه الصحيح ، انطلاقا من قرارات الأطباء المعنيين شرعا بالموضوع .
غير أن قلة ممن ينسبون أنفسهم للفقه ؛اختارت الخروج على إجماع الأمة في وقت غير مناسب؛ وبحجج أو هن من بيت العنكبوت ،فصدرت عنها تدوينات ومقابلات مع بعض الإذاعات الخصوصية؛ عبرت من خلالها عن رفض إغلاق المساجد استجابة لدواعي كورونا ، بل إن الشطط وصل بالبعض إلى حد التحريض والدعاية العلنية ضد قرار إغلاق المساجد .
لا أدعي العلم ولكن الحديث في ما علم من الدين ضرورة؛ إن ساهم في المعركة التي نخوض ضد هذا الوباء الخطير ؛ يقبل من مثلي ، بل إنه بهذا المسوغ يكون من الواجبات الوطنية .
لهذا أقول لدعاة فتح المساجد بعد التوكل على الله تعالى :
إن العلماء أدرى منا في الموضوع وهم الموقعون عن رب العالمين ومن حججهم الكثيرة التي بنوا عليها في فتاواهم حول صلا ةالجمعة مايلي :
–أولا –إن الأطباء هم وحدهم من يقرر خطر هذا الوباء ؛ وقد بينوا وبينت شواهد الحال أنه وباء قاتل .
ثانيا –اتفقت جميع الديانات وحتى الفلسفات الخارجة عن دائرة الوحي، على حفظ كليات معروفة منها النفس، فكل عبادة قد تؤدي لهلاك النفس تحرم ،فمن دعا اليوم لفتح المساجد لصلاة الجمعة مع ما سيسبب ذلك من انتشار لهذا الوباء القاتل ، فإنما يدعو لمحرم .
–ثانيا :من المعروف فقهيا أن الصلاة عبادة بدنية لا تقبل النيابة فيها ،كما أن كل مانع من صلاة الجماعة للخمس يمنع من صلاة الجمعة؛ وإذا كان المرض الشديد؛ والمطر والوحل الشديدين والخوف من العدو والدائن وغيرها من الأحوال والظروف موانع من الصلاة في الجماعة فكيف لا تكون العدوى بوباء قاتل مانعا منها ؟
–ثالثا :من المعروف أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح؛ وأن المشقة تجلب اليسر ؛وأنه لا ضرر ولا ضرار وغيرها من القواعد. والمرض القاتل ضرر ومفسدة ومشقة؛ ودرؤه واجب.
ثم إن هذا الدين مبني على اليسر والقدرة /
ولذلك قال تعالى “ألم نشرح لك صدرك ورفعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا فإذافرغت فانصب وإلى ربك فارغب “ومحل الشاهد اليسران في السورة
وقال تعالى “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها “وفي آية أخرى إلا ما أتاها.
وكل عبادة واجبة على المكلف تتدرج من الوجوب إلى عدم الوجوب وذلك باعتبار قدرته على أدائها .
ومن شذ من المسلمين اليوم عن هذا التوجه ودعا لفتح باب التجمع في عبادة أو في سوق فهو مفسد ؛ متنطع ولو عرف بالعلم وسعة الثقافة و يجب أن تقام عليه الحجة؛ فإن لم يرتدع وجب على السلطة أن تؤدبه وتوقفه عند حده
والله من وراء القصد .