مذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيداله(الحلقة 21)
مذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيداله
من القصر إلى الأسر
الحلقة 21
الولي .. وقيادة الهجوم
وحول الهجوم على انواكشوط وقيادة الولي شخصيا لهذه العملية ، وبقائه يومين شمال انواكشوط كمن لايبدو على عجلة من أمره أثار ذالك الكثير من التساؤلات أنذاك، كان ذالك لغزا ظل مبهما بالنسبة لمن عاصر ذالك الحدث ومن أطلع على تفاصيله، وظل موضع تحليل من طرف الجميع، وبالنسبة لي ولبعض زملائي الضباط كنا نطرح عدة احتمالات لما جرى ، فأما قيادته شخصيا. رغم أنه من غير الطبيعي أن يقود ثوري وقائد عسكري هجوما متوغلا في أرض العدو لمسافة بعيدة للغاية ، فقد توصلنا في تحليلنا لذالك إلىأنه لايخلومن احتمالين
-١ إما إنه لم يجد من معاونيه الكبار من لديه الشجاعة لقيادة هذا الهجوم الذي هو غاية في الخطورة
٢- أو أن القوى التي تقف خلفه أوبعضها أرادت التخلص منه فزينت له قيادة العملية بنفسه
أما عدم انسحابه على جناح السرعة بعد أن تمكن من تنفيذ الهجوم على العاصمة فهناك بعض المعطيات قد تعين على فهمه أولا لأنه أقام ثلاثة أيام شمال العاصمة يهاجمها يوميا دون أن يرى قوة تردعه، لأن القوة الضاربة للجيش توجد خارج انواكشوط وعلى بعد مئات الكيلومترات
-الأمر الثاني أنه ربما كان يظن أن هجوم انواكشوط كان مفاجئا دون أن يدرك أننا كنا قد توصلنا من خلال استجوابنا للأسرى بتفاصيله، لذالك لم يكن يعتقد أن تحريك بعض القوات الموجودة في ازويرات وآوسرد لن يكون إلا بعد إنهاء الهجوم
المسألة الثالثة أنهم كانوا يخططون لضرب الأنابيب التي تزود كجوجت بالمياه من بنشاب ، أما المسألة الرابعة . وهي على كل حال لم تكن مؤكدة- فقد راج أنهم ضبطت معهم منشورات فحواها أنهم كانوا ينسقون مع قوى موريتانية في الداخل لإ سقاط الحكومة ، وتنصيب أحمد بابه ولد أحمد مسكه رئيسا لموريتانيا
أعود بعد الإستطراد في مطارة مجموعة الولي إلى الحديث عني شخصيا، فقد بقيت في المكان الذي تعطل فيه المدفع حتى استنجد بي العقيد فياه لتقديم الدعم له في مطاردة فلول العدو ، فأصدرت لي القيادة أمرا بنجدته بوحدة المدفعية التي لدي ووحدة الحرس التابعة للتجمع الثاني إلا أن المقدم أحمد ولد بوسيف غضب لعدم التنسيق المسبق معه ، ورفض أن أقود هذه الوحدات ، قائلا أن ليس لدي وحدات لأقودها وأن هذه الوحدات تقع تحت قيادته دون غيره، ولايمكن أن تتحرك دون أوامره، ولما أراد قائد الأركان حمود ولد الناجي إقناعه بتركي أتحرك بالوحدات لنجدة فياه قطع الإتصال مع القيادة وقرر المواصلة إلى أنواكشوط ، لكن حمود تلقانا في ” اطويله” وأصدر لنا الأمر بأن لاندخل انواكشوط ، وبالفعل توقفت القوات هناك لكن ولد بوسيف دخل انواكشوط دون علم حمود واجتمع مع وزير الدولة للسيادة الداخلية أحمد ول محمد صالح، وقيل يومها أنه أبلغه أن فياه يخطط لتنفيذ انقلاب بالتنسيق مع هيداله ، وأن ذالك هو سبب طلبه أن التحق به، وبرر إصراره على دخول انواكشوط بأنه من أجل إخبارهم بهذه المعلومات بطريقة آمنة، وربما تكون هذه الأخبار وجدت آذانا صاغية لدى القيادة السياسية، إذ تم تعيين بوسيف قائدا للأركان خلفا لحمود ولد الناجي
بعد هذه الحادثة قلت لحمود أنني لن أقبل أن أكون مجرد مساعد لبوسيف، وأريد أن تكون تحت إمرتي وحدات أكون صاحب الكلمة الوحيد عليها، ومن يقرر بشأنها
فلما عدت إلى ازويرات وجدت قرارتعييني على تجمع الحرس ، لكنه لم يمر وقت وطويل بعد إسناد قيادة الأركان لبوسيف وتعيين ” يالل عبدالله الحسن” قائدا للتجمع الثاني في ازويرات خلفا لبوسيف حتى تم تحويلي لأطار قائدا لقطاع آدرار الذي تم استحداثه في تلك الأيام وصار قطاعا مستقلا لا يتبع لتجمع تيرس الشرقية ولا لتجمع تيرس الغربية، لكنهم لم يجعلوا فيه قوة تليق بوضعيته الجديدة كقطاع مستقل ، بل كانت غالبية الجنود الموجودين فيه من الذين اكتتبوا على عجل بعد نشوب الحرب ولايزالون يخضعون للتدريب ، والغريب أنهم حين أسندوا لي هذه المهمة أصروا على عدم السماح لي بالمرور بنواكشوط
وأشير هنا – قبل الإنتقال إلى الحديث عن فترتي في أطار- إلى حوادث جرت بيني وولد بوسيف خلال الفترة التي أمضيتها مساعدا له، فخلال سفره إلى عين بنتيلي لدفن الشهيد سويدات خلفته في مهامه وقد اكتشفت من خلال إشرافي على القاعدة بعض أوجه التسيير غير اللائقة التي كان يرتكبها أحد مساعديه ، وقد أخبرته بذالك بعد عودته، لكنه غضب علي قائلا أن هذا لايعنيني
وفي حالة أخرى كنا نقوم بجولة تفقد لبير أم كرين ، وكان قائده سومارى سليمان فطلب مني أن أبقى في البير لأكون حلقة الوصل بينه وسمارى لأوصل له أوامره فرفضت ذالك وقلت له أنني لن أبقى في البير إلا إذا تم تعييني قائدا لها لأنني أعلى رتبة من سومارى، وقد تدخل في الموضوع النقيب “محمد سيدينا ولد سيديا” حاكم البير فصوب رأئيي، فأغضب ذالك بوسيف فاصطحبنا نحن الإثنان معه إلى فديرك ينوي عزلنا، لكن سيدينا اتصل بوزارة الداخلية التى أوضحت لبوسيف أن سيدينا تم تعيينه من قبل مجلس الوزراء وأن لايحق للوالي أن يعزله، وكان بوسيف قائدا عسكريا للمنطقة وواليا لتيرس زمور في نفس الوقت
يتواصل