مذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيداله(الحلقة 26)
مذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيداله
من القصرإلى الأسر
الحلقة 26
-ازويرات من جديد
في ازويرات وبعد تسلمي مهامي هناك وصل إلى المدينة وزير الدولة للسيادة الداخلية أحمد ولد محمد صالح ، وفي اجتماع كبير في مقر الولاية، أثنى ولد محمدصالح على تضحياتي ، وبعد انقضاء الإجتماع استدعاني وقدم لي مبلغ 70000 أوقية وهو مبلغا كبيرانسبيا أنذاك
وقال لي من الضروري أن يكون لديك مبلغ من المال تعطي منه للناس ليرتبطوا بك ويوصلوا لك المعلومات
أصبحت قائدا للقطاع العسكري خلفا للمقدم “يالل عبدالله” وكان في ذالك الوقت قطاعا مستقلا ، إذ أن الجيش كان قد ألغى نظام التجمعين الكبيرين ، ولكن بعد أن أمضيت فترة قصيرة تمت العودة إلى نظام التجمع رقم 1 والتجمع رقم 2
وصار العقيد فياه قائدا للتجمع رقم 1 في حين صار المقدم بوسيف قائدا للتجمع رقم 2، وذالك لأن جبهة البوليزاريو بدأت تركز في ضرباتها على السكة لتعطيل القطار الذي ينقل المعدن من ازويرات إلى نواذيب والذي إن حدث سيضرب اقتصادنا في الصميم، كما أننا لاحظنا تحسنا ملحوظا على مستوى التسليح والتخطيط لدى العدو
في مايو 1977 قامت البوليزاريو بالهجوم على ازويرات وهي العملية التي تم فيها اختطاف مواطنين فرنسيين يعملون في اسنيم ، ولم أكن حينها موجود في ازويرات بل كنت عائدا في طريقي من مهمة في انواكشوط، وكان يباشر القيادة نائبي النقيب الشيخ سيداحمد ول بابمين وعند دخول طائرتنا أجواء مدينة ازويرات، كنا نلاحظ النيران مشتعلة في أرجاء المدينة، وكانت الإشتباكات لاتزال متواصلة، فرفض الطيارون الفرنسيون الهبوط في مطار المدينة، لكننا أرغمناهم على ذالك ،وحين نزلنا في المطار وجدت في استقبالي الوالي يحى ول منكوس ، وقص علي ما جرى فجر ذالك اليوم ، وكيف نجا من البوليزاريو التي اختطفت حاكم ازويرات ” افال بابا” فركبت جيبا عسكرية وأخذت مدفعا والتحقت بقواتي ووجدتها في حالة فوضى عارمة حتى أن بعض السيارات نفد اوقودها وبقيت متوقفة ، وحين وصلت أعدت تنظيم صفوف رجالي وقررت ملاحقة القوات المهاجمة، كما أصدرت القيادة أوامر بتحريك الوحدات المتمركزة في بير ام كرين وآوسرد، بغية محاصرة العدو، وكانت القوات القادمة من بير أم كرين تحت قيادة الرأئد معاوية ول الطائع ونائبه النقيب محمد الأمين ولد انجيان ، وعند موضع ” زاد الناس” عسكرت قوات البوليزاريو كما أخبرتنا طائرة الرائد كادير، وكان الظلام قد أرخى سدوله، فقررنا المبيت دونهم ، على بعد20 كلم وذالك بعد أن تشاورنا حول الزحف إليه على الأقدام لئلا ينتبهوا لأضواء السيارات فنفقد عامل المباغتة، لكننا وجدنا أن الإعياء والجوع قد أخذا كل مأخذ من الجنود، لذالك قررنا المبيت دونهم، وكانت الوحدات التي يقودها الرائد معاوية والقادمة من بير أم كرين تعسكر شمال قوات البوليزاريو ، ومع بزوغ الصباح أطبقنا عليهم من كل جهة وجرت اشتباكات عنيفة ، لكن قوات العدو جاءتها تعزيزات من الشمال فأحدثت ثغرات في وحدات معاوية التي استشهد منها عدة عناصر، وهكذا تمكنت قوات البوليزاريو من التملص من الحصار وانسحبت نحو مواقعها الخلفية، ورغم يقيننا أنهم تعرضوا لإصابات مباشرة فإننالم نعثر على أي جثث في الميدان، ولعلهم حملوا قتلاهم وجرحاهم وهو تكتيك معروف في حروب العصابات
أما قواتي فلم يسقط منها قتلى لكن وقعت بين صفوفها بعض الإصابات الخفيفة، وبعد انتهاء المعركة وصل إلينا عند موضع ” زاد الناس” وزير الدفاع وقائد الأركان في طائرة خفيفة للإطمئنان على الأوضاع عن قرب
وقد مثل الهجوم على ازويرات في فاتح مايو 1977 علامة فارقة في مسار الحرب، حيث وقعت الحكومة الموريتانية بعد هذا الهجوم مع حكومتي فرنسا والمغرب اتفاقا يسمح لطائرات البلدين بالتدخل عند الإقتضاء لصد هجمات البوليزاريو التي أنهكت الإقتصاد الوطني عبر ضرباتها المتكررة للقطار الذي ينقل المعدن من ازويرات ألى ميناء التصدير في نواذيب وهكذا بدأت الطائرات الفرنسية ( جاكوار) انطلاقا من قواعدها في السينغال والطائرات المغربية المنطلقة من قواعد العيون والداخلة تقوم بتدخلات فعالة ضد البوليزاريو، وكان لها بالفعل دور مفيد في مسار الحرب
يتواصل