مدد : سياسات وزارة التهذيب تطبعها الارتجالية والفوضوية (بيان)
في ظروف يكتنف فيها الغموض الشديد مصير تعهدات إصلاح التعليم ويطبع فيها الارتجال والفوضوية السياسة القطاعية لوزارة التهذيب الوطني والتكوين التقني والإصلاح، وتواصل فيها الظروف الاقتصادية العامة، والأزمات المستجدة ضغطها على المدرسين، في مثل هذه الظروف استقبل المدرسون عام دراسيا جديدا، ولا زاد لهم غير بقية من ضمير لا تعدم مشككين ممن تعودوا رؤية الأشياء من داخل غرف مكيفة ومغلقة كثيرا ما ولجوها بزبونية أو رشوة متجاهلين أن استمرار وضع مأساوي كهذا في أكثر القطاعات حيوية لا ينذر باحتمال الكارثة فقط بل بوصولها لحظة الانفجار المدوي.
إننا في منسقية الدفاع عن المدرس (مدد) واعتبارا لالتزاماتنا الوطنية والمهنية نلفت انتباه الرأي العام الوطني عامة، والجهات الوصية وكافة نخب وهيئات المجتمع المدني إلى أن:
1-الإصلاح الجدي للتعليم هو ذلك الإصلاح الذي يبدأ من خلال التعاطي مع المشاكل المعقدة التي يعيشها المدرسون، والتي ما فتئت نقاباتهم تجدد مع كل مناسبة التذكير بها، ومن أبرز تلك المشاكل عجز رواتبهم وعلاواتهم عن الوفاء بأبسط ضروريات العيش الكريم، في الوقت الذي تمثل فيه العلاوة الوظيفية لبعض الموظفين العموميين قيمة أزيد من رواتب عشرة مدرسين، أما المقارنة بين علاواتهم وبقية العلاوات القطاعية الأخرى فإن الفرق شاسع لصالح هذه الأخيرة طبعا.
2- احترام مقتضيات قانون الوظيفة العمومية والنصوص المطبقة له، والتعامل مع الموظفين بعدالة ضمن تلك المعايير هو سمة نظام العدالة المؤمن حقا بقيم الديمقراطية، وقد لاحظنا الخرق المتعمد لتلك التشريعات والقوانين في صيغة تمييز سلبي مكشوف ضد المدرسين، في الوقت الذي يستفيد فيه عامة الموظفين من علاواتهم طيلة السنة ترتهن علاوات المدرسين بالعام الدراسي تماما كما يحصل لعمال “الجرنالية”، حيث الأجر مقابل مدة زمن الخدمة الميدانية، وقد عززت وزارة “الإصلاح الإعلامي” هذا الظلم، وجذرت منطق التعسف في فهم القانون من خلال تعميمها الأخير الذي ربط الحرمان من العلاوة الفصلية بتغيب عشرة أيام مبررة أو غير مبررة، وهو إجراء مناف لنظم الاقتطاع من الأجور والعلاوات المعمول بها في البلد، وفاقد لأية شرعية منطقية أو أخلاقية عندما يتعامل بنفس المعيار مع قضيتين متناقضتين (الغياب المبرر وغير المبرر).
3- مساندتنا في منسقية (مدد) لكافة الإجراءات القانونية العادلة التي من شأنها ضبط وتطوير المصادر البشرية في القطاع لما نشاهده من تأثير سلبي لغياب معايير واضحة في هذا الإطار، لكننا نستغرب وندين بشدة إجراءات الضغط المعلنة ضد المدرسين الميدانيين، بدل تحفيزيهم من خلال زيادة العلاوات الحالية واستحداث علاوات مغرية وجاذبة للميدان.
إن هذه الاختلالات الخطيرة، وغيرها كثير مما لا يمكن حصره في بيان واحد، وبمناسبة كهذه، والذي مافتئ ينكشف فجأة بمناسبة ودون مناسبة، تؤكد في نظرنا استهلاكية الشعارات المعلنة، وزيف الادعاءات والتصريحات، فالوقائع على الأرض تؤكد بصورة جلية أن إجراءات الافتتاح المتبعة في نوفمبر هذا العام لا تختلف في شيء عن تلك التي تم اتباعها في أكتوبر منذ عقود، فما أشبه الليلة بالبارحة!
ولا يفوتنا هنا أن نهنئ الأسرة التربوية بالعام الدراسي الجديد، راجين لها سنة حافلة بالنجاحات المهنية والتربوية، وكلنا أمل أن نواكب عملية الافتتاح بجدية ومتابعة دقيقة للأخطاء المحتملة وفي مقدمتها إبراز النواقص المتعلقة بعدم التقيد بتطبيق الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كوفيد-19 المستجد داخل الوسط المدرسي، ذلك أن تجربة ما تسميه الوزارة لبروتوكول الصحي في الاستئناف الماضي كانت تجربة سيئة وهو ما يتوقع تكراره مع الافتتاح هذا العام.
وفي ظل استمرار تردي القطاع، ونظرا لتمادي الحكومة في تصاممها عن مطالبنا المشروعة وهو ما أكده اليوم خطاب وزير التهذيب الوطني لافتتاح العام الدراسي الجديد من امبود والذي خلا من أي إجراء إيجابي لتحسين ظروف المدرسين عدا ما تبجح به الوزير من توزيع مبلغ التميز الذي ستصل منه المدرس(1700 أوقية جديدة) ليتم بهذا الإجراء الاستفزازي الدوس على آخر ما تبقى من كرامة المدرس، لذا نجدد تأكيدنا لزملائنا المدرسين على أن النضال الجاد هو سبيلنا الذي لا بديل عنه لاسترداد حقوقنا، وفي هذا السياق ندعوهم جميعا إلى الاستعداد لجولات نضالية سيكون لها ما بعدها.
مكتب المنسقية
انواكشوط؛ 16 نفمبر 2020.