جميل منصور يرد على ولد إزيد بيه …….(تدوينة)
“الصيف الحكومي”
قرأت مقالا للوزير والسفير د. إسلك ولد أحمد إزيدبيه عنونه ب”الربيع البرلماني” وبدأه بقصة الفوضى الخلاقة وأنهاه بلجنة التحقيق البرلمانية وعلاقة الرئيسين الحالي والسابق، التي تمنى أن يسهم في ترميمها!
من المجازفة بالمعنيين العلمي والتاريخي قراءة حراك الشعوب – أي شعوب- باعتباره محصلة فكرة لفيلسوف أو تخطيط لسياسي من خارج الحدود.
لا يعتبر الحديث عن نوايا غربية سلبية أو عن سعي أطراف أجنبية لتوجيه السياسات والأحداث في بلداننا اكتشافا يستحق الإبراز فهو مما يعلم من سياسة القوم بالضرورة، ولكن من استهبال الناس القول إن حراكا شعبيا اجتمعت له كل الأسباب والدوافع، وحدد أنبل الأهداف والمقاصد، وسطر أروع الملاحم وأكثرها شعبية وسلمية، صنعة لبرناد ليفي أو غيره.
أنا لا أنفي أن جهات هنا وهناك وخصوصا في دوائر القرار الغربي سعت لإفشال هذا الحراك، ثم عملت على اختراقه والتأثير في بعض مكوناته، ولكن هذا المسعى لا يجيز اتهام شعوب بأنها لعبة في يد آحاد من المفكرين والسياسيين الغربيين خصوصا أن الحراك الشعبي استهدف أول ما استهدف أصدقاء الغرب وحلفاءه الظاهرين ( ابن على في تونس ومبارك في مصر )
إن حراك الربيع العربي قد عبر في وقته عن توق الشعوب العربية إلى الحرية والكرامة والعيش الكريم، وقد حقق بعض أهدافه، ولكنه واجه حراكا مضادا وعنيفا استفاد أصحابه من أخطاء الشعوب ونخبهم التي تصدرت هذا الحراك أو قادت المراحل الإنتقالية التي تمخض عنها.
لقد ترك الربيع العربي آثارا مباشرة وأخرى غير مباشرة على مختلف دول المنطقة، ولعل التحسينات الجزئية التي عرفناها وفشل كل محاولات المأمورية الثالثة كان بفعل عدة عوامل من بينها مستوى السقف الذي رفعه الربيع الديمقراطي.
إن الذين أيدوا تصريحا أو تلميحا وحتى بالسكوت الدعوة للمأمورية الثالثة المخالفة لصريح الدستور، ليسوا في وضعية تسمح لهم بإعطاء الدروس للنواب ولا لغيرهم، خصوصا أن الجمعية الوطنية – التي لم أفهم القول بانتهاء صلاحيتها – أحسنت إلى نفسها وحسنت من صورتها بتشكيل لجنة تحقيق في سابقة مهمة في العمل البرلماني الوطني، وينتظر الموريتانيون بفارغ الصبر مآلها ومخرجات عملها.
إن اعتبار العلاقة السياسية بين نظامين سابق ولاحق، سابق يكاد يتفق أغلب الناس على تقويمه، ولاحق مازال أغلب الناس يأملون فيه، مجرد علاقة بين شخصين على طريقة المجموعات التقليدية تبسيط لا يليق بصاحبه ولعله يحدد مصير نيته في الوساطة بين الرئيسين السابق واللاحق.
لقد عشنا في الفترات الماضية على مستوى الأمة ربيعا ديمقراطيا مازال مؤثرا وإن تعثر وحورب وأخطأ، وعشنا ونعيش بعض مظاهر اليقظة البرلمانية التي تؤشر على قابلية المنتخبين للفعل الجيد إن رفعت عنهم الوصاية وأدكوا طبيعة الدور الموكل إليهم، وعرفنا صيفا حكوميا، آثار تسيير أصحابه ونتائج حصادهم شاهدة ظاهرة، فلا تذهبوا بعيدا فالماضي موضوع الحديث قريب جدا.