تجدد الحرب الكلامية بين حنفي دهاه وأبي زيدان (تدوينات نارية )
.كتب أبي زيدان :
اعوذ بالله مما ابتلاهم الله به!!
لقد اشتهر مثليوا الجنس في بلاد الله هذه بالبلاغة في الثقافة الحسانية وجمع صورها ومحسناتها اللفظية كسلاح للتعويض عن نقصهم المتخيل امام الاخرين، ولو كانوا انطلقوا من نظرة “تقدمية” للانسان وايمان بقضاء الله وقدره لاستطاعوا الحياة بكرامة ودون عقد ، وابتعدوا عن تتبع اخبار طول وعرض أير علان وفلان طمعا فيه وشهوة والعياذ بالله ، فالبلاء ابتلاء للمؤمن في الحياة وعليه الاحتساب لتصريف المالك الواحد الأحد في خلقه، لراحة الضمير او كسب الاجر في الاخرة ان كان من المؤمنين بيها .
اتفو بيه ويدنكس في كل المجتمعات باتفاق، الا الدسائس الاخرى وعمليات السمسرة للقيم والمواقف تحت الطاولة، ومحاولات استعادة الشرف المهدور عبثا بعد قبض الثمن.
اللهم اني اسألك التقى والهدى وراحة الضمير.
فكتب حنفي دهاه :
بعد أن غادرته جَزرا للخوامع و لحماً للضواري، و رميت به في مهاوي الردى، عاد أبي (عن غير الضيم و الرذيلة) ، ليكرّ عليّ مترنحاً، منبهر الأنفاس، يتساوك كالموقوذة، لا يكاد يقيم أودَه، لينظّر عن العقد النفسية، و الميول الجنسانية، و ليقذفني بدائه، و هو الذي عاش عامين رهين أصفاده في لعيون، بسبب جنونه، الذي بقيت منه “خزرة” و نظرة شزراء و نوم لاتستجيب سِنَته بغير مهديء أو قنب هندي..
لا أعتقد أنه يمكن اتهامي بالشعور بعقدة الدنية، و أنا من لو مدّ يده للتقبيل لاستقلّ أن تكون الثريا فماً، نمتني أروم المجد التالد فشفعته بطارف، فلساني حالي ينشد قول الشاعر:
نحن الأهلة في الظلام الحُندس
حيث التقينا ثم صدر المجلس
إن يهضم الدهر الخؤون حقوقنا
ظلماً فلم يذهب بعزّ الأنفس
لم ينكر أبي نسبي، كما وقع لأبي، و لم تهجرني حليلة، أقض مضجعها بخرٌ و أير مجهري.. و لم يدفعني الجوع للتصفيق و التطبيل، و لعق رجيع الأنظمة المستبدة، و التردد على المكاتب مستدراً ضروع المسؤولين، و أنا المتغني، ترفاً فكريا، بالديمقراطية و الحرية و حقوق الإنسان.
إنا اقتسمنا خطتينا بيننا
فحملتُ برّة و احتملتَ فجارِ
و لعلك لو رأيت أيها النذل كم كنت مبغّضاً لدى الناس، ممجوجا لديهم، ثقيل الظل، مملولَ الثواء، لعلمت أنك أولى مني بالعقد النفسية، حيث أن كل فاصلة من حياتك تحثو من الظلماء في عينيك، و تسكب براميل التشاؤم في قلبك، فما خلقك الله إلا ليتعسك، و ليؤخرك حيث المتسكعين على قارعة الانتظار..أيها الواجم أمام السلالم، المتردد أمام الصعاب..الذي لم يحظ بشرف انتساب و لا اكتساب.
لك أن تتجرأ علي، و أن يظاهرك من أعدائي من سبق أن جرعتهم صاب الحروف و أوصابها، فلم تزل الأشراف تبتلى بالأطراف، و لم يفتأ سِيد الغضى يعدو على أسد الشرى. لكنني سأظل كالموج الهادر الذي يكسر السدود، و الموت القادم إليكم من خلف المحابر و القراطيس، و وصمة العار التي ستدنس تاريخ نذالاتكم الأبدية كما دنس القبطيةَ الودكُ.
أنا علقم اللهوات من أعدائي
و خطيب “أما بعد” في الأنداء
و أنا المجرُّ اللسن حتى تنثني
خرساً من الإعياء و الإكداء
يعيّرني النذل أبي أن تحدثت بلغة عربية سليمة، و تحدث بلغة مكسّرة، ركيكة معنىً و مبنى، و هو اللُّحنة الذي لا يقول فيعرب، و لا يحسن أن يوجز في تعبيره أو يطنب:
إذا محاسني اللائي أدل بها
عدت مساويَ، قل لي كيف أعتذر
عليّ نحت القوافي من معادنها
و ما عليّ إذا لم تفهم البقر
و حاول من غبائه أن يربط بين البلاغة و الفصاحة في التعبير بـ “المثلية” التي يتهمني بها، مستنتجا أن طول اللسان تعويض لقصر الأير.. و لكن ما خطبه هو: إذ لم يطل منه لا لسان و لا أير.!..فقد حدثوني أن زوجته المغربية كان لسان حالها يتمثل قول بنت مجدوب لبكري في رواية “موسم الهجرة إلى الشمال”: عقلك كله في رأس ذكرك، و رأس ذكرك صغير مثل عقلك.!
تأخر يا أبي حيث أخرك الله، و أقنع بأنك لست ممن يدعى لجُلّى أو يستصرخ عند الكريهة.. كفاك ما وصلت إليه بالتملق و المكر و الخيانة.. فلا ترسل طرفك رائداً في رياض المجد الأُنُف، و لا تحاول لمس الفرقدين، حيث مرمى طرف من شأنه العلو، لا من يكتفي مثلك بما يملأ الجِفان و يُترِع القصاع:
خلق الله للحروب رجالاً
و رجالاً لقصعة من ثريد
لقد ارتقيت أيها النذل مرتقى صعباً، و قد كنت تجوع فتتملق، و تشبع فتتفسق..و كنت تطبخ لأصدقائك في “شقة تفرغ زينه” وجبة العشاء و تدير لهم كؤوس الشاي مقابل أن يمنحوك سيجارة:
أتذكر إذ لحافُك جلد شاةٍ
و إذ نعلاك من جلد البعير
فسبحان الذي أعطاك ملكا
و علمك الجلوس على السرير
اللهم لا أسألك رد القضاء و لكنني أسألك اللطف فيه:
و لو أني بُليت بهاشمي
خؤولته بنو عبد المدان
لهان عليّ ما ألقى و لكن
تعالوا فانظروا بمن ابتلاني..
نعم..تعالوا فانظروا..!
————
(ملاحظة: أصدقاء الصفحة، تأخرت عليكم في الرد فقد كنت مسافرا)