الأخبار

موريتانيا: مناضل مناهض للرق وراء القضبان! العدالة في خدمة الهيمنة

 

 

موريتانيا: مناضل مناهض للرق وراء القضبان!

العدالة في خدمة الهيمنة

إخطار
أمرت الخلية الشهيرة لقضاة التحقيق بمحكمة نواكشوط الجنوبية، يوم الاثنين 28 أكتوبر 2019، بسجن سيدي الناجي العضو في مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا) والمتطوع في “لجنة السلام” المكلفة بأمن بيرام الداه اعبيد النائب البرلماني ورئيس المبادرة غير المرخصة حتى الآن. تلك الخلية التي يتزعمها القاضي عثمان ولد محمد محمود الموالي للأوساط الاسترقاقية الموريتانية. قرار حبس سيدي الناجي تأسس على “تهمة” تقليدية تستخدم ضد النشطاء الحقوقيين السلميين والمتمثلة في ذريعة “الاعتداء على وكيل شرطة أثناء تأديته لمهامه”.

من هو عثمان ولد محمد محمود؟
إنه القاضي الجالس المعروف بأنه سلّم عبدة (غايه مايكا) لمُلاكها و جلاديها شهر سبتمبر 2019، واعترض على سجن مرتكبي التهريب والتعذيب واستغلال القُصّر رغم الطلب الصريح الذي تقدم به وكيل الجمهورية. ودون أن يكتفي بحماية المخالفين للقانون، دفعه حماسه إلى إعادة الضحية، التي باتت محتجزة منذ ذلك الوقت في شعاب بلدة باسكنو، إلى أسيادها، فحصل على مساندة المحكمة العليا.. فلا ودادية القضاة ولا وزارة العدل اتخذت أي منهما بشأنه إجراءً تأديبيا تحدو إليه خطورة الانتهاك. وبدلا من الطرد النهائي، ما يزال عثمان ولد محمد محمود يعيث فسادا وظلما وانتهاكا لحقوق المستضعفين في القضايا المعروضة أمام المحاكم.

ماذا جرى بالضبط؟
في يوم الخميس 24 أكتوبر 2019، كان سيدي الناجي يعمل في ورشة للّحامة بعرفات (حي شعبي بالعاصمة نواكشوط)، لما توقفت، فجأة، سيارة أجرة بجانبه. خرج منها زبون، فتبعه السائق الذي طالبه بدفع ثمن النقل، غير أن الزبون زعم أنه دفع ما هو مستحق عليه مسبقا. أخذ سائق التاكسي بتلابيب الراكب المتمنع الذي كابد للرد، فتدخل بينهما المارة. في نهاية الشجار، همس متفرج قائلا للسائق بأن سيدي الناجم، الذي كان مجرد مشاهد للعراك، كان يصور المشهد. توجه السائق نحو الشاهد وطلب منه تسليمه الهاتف. رفض سيدي الناجي الانصياع للطلب، مؤكدا أن جهازه لا يحتوي على أية صور من الحادث. السائق، الحانق والغاضب من حظه العاثر، رجع إلى السيارة وخلع فضفاضته، وعاد نحو سيدي الناجي موجها إليه لكمات هائجة. حاول سيدي الناجي تفادي اللكمات قبل أن يجد نفسه في موقع الدفاع المشروع عن النفس.
وعندما لم يتمكن السائق من أن يصرع سيدي الناجي، غادر في سيارته وعاد، بعد وقت قصير، محاطا بزمرة من حراس السلم في زيهم البوليسي. شرح عناصر الزمرة لسيدي الناجي أن الشاكي وكيل شرطة مثلهم ومن ثم اقتادوه إلى المفوض التار ولد اصوينع: الجلاد الشهير للمناضلين المناهضين للرق. عمد ضابط حفظ النظام إلى توقيف سيدي الناجي وتجريده من ملابسه ووضعه وراء القضبان. وبحكم التواطؤ العرقي والتضامن بين أعضاء الجسد المهني الواحد، تحامل الجميع، في عجالة، لتشكيل ملف تهم ضد سيدي الناجي. وفي يوم 28 أكتوبر 2019، فور تحديد هويته كناشط حقوقي ومناضل في صفوف إيرا، مَثُل أمام خلية قضاة التحقيق الممتهنة للقساوة ضد مناهضي الرق (معروف أنها سجنت، لخمسة أشهر، مناهض الرق الشهير والبرلماني بيرام الداه اعبيد لمجرد بلاغ كاذب من مخبر البوليس السياسي دداه عبدالل) فأمرت بحبس سيدي الناجي في السجن المدني بانواكشوط.

أي درس نستشفه؟
لم يعد من الضروري التذكير بقساوة الإكراه الذي يتعرض له السود في موريتانيا عموما ومناضلو إيرا على وجه الخصوص أمام خلية “القضاة” المتمسكين بقدسية كنانيش الاستعباد القروسطية، ولا التذكير بتهاون مفاصل السلطة لصالح ذراري الأسياد المنحدرين كلهم من الأصل البربري-العربي.
إن التمييز المتكرر، حتى خلال تعيينات مجلس الوزراء أو مسابقات الاكتتاب في القطاعات المدنية والعسكرية، يوضح البداهة المجربة للتفاوتات التي تحولت إلى فعل تافه وظاهرة عادية.
إن تفكك الدولة وتشرد موظفيها، بلغ درجة جعلت الشرطي يجمع، دون أي تبعات، وظيفة سائق تاكسي مع مهنته الرسمية. ومن كثرة الإفلات من العقوبة، والرشوة، والتراخي، يتم تسليم موريتانيا للركاكة، تاركة مسامَّ ينفذ منها التطرف الديني والكراهية بين الأعراق والفئات، وهي أمور تشكل كلها قطيعة خطيرة ومتسارعة مع الصرامة والأحقية.
إن الاعتقال التعسفي لسيدي ولد الناجي يدخل ضمن ترسبات الظلم في مجتمع مبني على الامتيازات والإساءات، سائر نحو الخسارة إذا لم تتوجه حكومة الرئيس محمد الشيخ الغزواني، على عجل، نحو مسلسل الإصلاحات التي تم التعهد بها للشعب، ونحو الحوار والتشاور اللذيْن وعد بهما المعارضين.

نواكشوط 03/11/2019
اللجنة الاعلامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى