إئتلاف معارض يدعو للتغيير (بيان)
بيان
تعيش بلادنا منذ عقود تحت وطأة أزمات متعددة الأبعاد طالت مختلف جوانب الحياة، مما أسهم في تفاقم معاناة الشعب الموريتاني وتعطيل مسيرة التنمية. هذه الأزمات المزمنة لم تقتصر على إضعاف مؤسسات الدولة فحسب، بل زادت من حدة الانقسامات الاجتماعية وأصبحت تهدد بشكل مباشر وحدة الوطن واستقراره.
عقب الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة، والتي شهدت تزويرًا غير مسبوق باعتراف الأغلبية قبل المعارضة، أصبحت هذه الانتخابات – وخصوصًا الرئاسية منها – مثالًا صارخًا لانعدام الشفافية، التزوير الواسع، شراء الذمم، وترهيب الناخبين. ورغم هذه التجاوزات، نجح تحالفنا بقيادة الرئيس بيرام الداه اعبيد في كسب دعم شعبي واسع من جميع شرائح ومكونات الشعب الموريتاني، ليصبح رمزًا للتنوع والأمل في التغيير الحقيقي.
المهرجانات الجماهيرية الحاشدة التي نظمها التحالف في مختلف أنحاء البلاد أكدت بشكل واضح أن الشعب وضع ثقته الكاملة في مرشحنا بيرام الداه اعبيد، الذي حصد أغلبية الأصوات في هذه المعركة الانتخابية. ومع ذلك، أصر النظام العسكري و اللوبيات المرتبطة به على تجاهل هذا الانتصار الانتخابي الواضح، في تحدٍ صارخ لإرادة الشعب!
لقد أدت الإدارة الأحادية للعملية السياسية، والرفض الممنهج للاعتراف بالأحزاب السياسية المستقلة التي تحمل خطابًا سياسيًا قويًا وتحظى بشعبية واسعة، إلى تدهور التجربة الديمقراطية الهشة في البلاد. ولقد تفاقم هذا الوضع بفرض قوانين قمعية مثل قانون الرموز، الذي استُخدم كأداة لتكميم الأفواه وتقييد الحريات العامة والخاصة. هذه الممارسات لم تؤدِ فقط إلى تقويض الحريات الأساسية للمواطنين، بل ساهمت أيضًا في إحياء النعرات القبلية وتعزيز النزعات العنصرية، مما عمّق الانقسامات المجتمعية وأصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة الوطن وتماسكه.
خلال خمس سنوات من المأمورية الرئاسية الأولى للرئيس الحالي، عجزت الحكومة عن تقديم أي حلول جذرية لتحسين حياة المواطنين الذين يرزحون تحت وطأة أزمات اقتصادية متفاقمة. في ظل ارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، أصبح تأمين الاحتياجات الأساسية معاناة يومية لغالبية الشعب. ومع غياب الخدمات الصحية والتعليمية شبه التام، تعمّق الفقر ليصبح واقعًا مأساويًا يلازم حياة الكثيرين، حيث تكافح العائلات بشق الأنفس لتوفير لقمة العيش في مشهد يعكس الفشل التام في تحقيق أبسط مقومات الحياة الكريمة.
أما الشباب، فقد شهدوا موجة تهجير غير مسبوقة، إذ وجدوا أنفسهم أمام بطالة خانقة وغياب تام لفرص العمل داخل الوطن. هذا الواقع دفعهم إلى اليأس، مما جعلهم عرضة للانحراف والمشاركة في الأنشطة الإجرامية. فقد شهدت البلاد تصاعدًا غير مسبوق في معدلات الجريمة من سرقات واعتداءات، إلى جرائم شنيعة مثل الاغتصاب والقتل، مما حول انعدام الأمن إلى واقع يومي مرير يعيشه المواطنون في كل أنحاء البلاد. ومع ذلك، فإن الموارد والإمكانات موجودة، لكن هذه المساوئ تستمر بسبب سوء إدارة نظام الرئيس غزواني، الذي يتسم بالإفساد، والفساد، واختلاس الأموال العامة. مئات المليارات تم تهريبها للخارج من قبل عصابات من المفسدين. من بين جميع الأنظمة التي حكمتنا، يعد هذا النظام الأكثر فسادا وهو بطل نهب الموارد، والمحسوبية، والرشوة، و الزبونية، وتزوير الإرادة الشعبية.
يواصل النظام القائم في نهجه الذي يكرس الظلم والتمييز ويعزز العنصرية المؤسساتية، في ظل سياسات تغذي الفساد بدلًا من محاربته كما وعدت. فبدلًا من الإصلاح الحقيقي، يسهم النظام بشكل مباشر في استمرار نهب الموارد الوطنية، عبر إعادة تدوير النخب الفاسدة وتثبيت الفوضى في الإدارات العامة، حيث تحتكر التعيينات لوبيات عائلية لونية فاسدة. كما يرفض النظام بشكل قاطع مواجهة التمييز بجميع أشكاله، بما في ذلك العبودية، متجاهلًا الحاجة الملحة لمعالجة قضايا وطنية حساسة مثل الإحصاء السكاني والإرث الإنساني، كما يتجاهل تنوع البلاد الثقافي والعرقي. في الوقت نفسه، وفي ظل هذه السياسات، يتعرض قطاع التعليم للتدمير، مما يقوض فرص بناء مستقبل مستدام للشعب وللأجيال القادمة.
إلى جانب ذلك، شهدت البلاد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من خلال التعذيب والقتل في مراكز الشرطة، وقمع المتظاهرين السلميين الذين مارسوا حقهم المكفول في الدستور.
مع هدا النظام نعيش في ظل دولة لا تحترم القانون، حيث أصبحت السلطة، التي من المفترض أن تحمي حقوق المواطنين، تمثل تهديدًا حقيقيًا للتعايش السلمي بين مكونات الشعب.
بينما يواصل العالم التقدم، نجد “أمتنا” تتراجع في جميع المجالات، حتى في قيمها الثقافية والاجتماعية التي طالما كانت مصدر فخر. هذا النظام لا يعكس تطلعات الشعب ولا يسهم في تعزيز وحدته الوطنية، وكل المؤشرات تدل على مزيد من التراجع في السنوات الخمس المقبلة.
لقد قررنا تشكيل هذا التحالف المعارض للنظام بهدف مواجهته والعمل على تغييره بالطرق السلمية والمشروعة، وإحداث قطيعة جذرية مع الممارسات المدمرة التي يمارسها النافذون ولوبياتهم، الذين يمثلون العقبة الرئيسية أمام تقدم بلادنا. إنهم يسيطرون على مقدرات الشعب ويعرقلون أي محاولات حقيقية للنهوض بالوطن وتحقيق التنمية المستدامة.
أما بالنسبة لشركاء موريتانيا، فإننا نؤكد أن استمرار هذا النظام الجائر ليس في مصلحتهم على المدى الطويل، ولا في مصلحة الشعب الموريتاني. فالنظام القائم يقود البلاد إلى طريق مسدود ويشكل عائقًا كبيرًا أمام التنمية، ويهدد الوحدة الوطنية ويقوض أسس الدولة واستقرارها.
ندعو الشركاء الدوليين لدعم نضالنا من أجل بناء موريتانيا جديدة، دولة قانون قائمة على العدالة والمساواة، تحترم تنوعها وتعمل من أجل رخاء جميع مواطنيها.
نداء للتغيير :
إن استمرار هذا النظام يشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة الشعب واستقرار الوطن، ويقف عائقًا أمام تحقيق آمالنا وطموحاتنا في بناء دولة تقوم على العدالة والمساواة. لذلك، فإننا ندعو جميع القوى الوطنية، من تحالفات وأحزاب سياسية، حركات ومنظمات مجتمع مدني، بالإضافة إلى الشخصيات المستقلة في الداخل والخارج، إلى توحيد الجهود ورص الصفوف تحت مظلة ائتلاف واسع يهدف إلى تحقيق:
• الحرية
• المساواة
• التنوع
• العدالة الاجتماعية والديمقراطية
معًا، يمكننا بناء موريتانيا جديدة، دولة العدالة والمساواة، موريتانيا لجميع أبنائها.
التحالف المناهض للنظام. انواكشوط بتاريخ 30/12/2024