أقلام

مقدمو خدمة التعليم انتفاضة مشرفة/ المعمر محمد أحمذي

 

 

ما كان لمتصدري مشهد انتفاضة الشرف وقيادتها من مقدمي خدمة التعليم ومن حولهم من المناضلين الشرفاء ممن تبنى النضال منهجا وسبيلا مفروشا بالأشواك والعقبات، أن يتخلفوا عن ذلك المنهاج، ولا يرغبوا ببديل يصون لهم من ماء الكرامة غير الذي أراقته وزارة التهذيب، بتماديها في سياسة التصامم والتجاهل رغبة في امتصاص غضب تولد من معاناة وبؤس معيشي مترد إلى أبعد الحدود، وقد رمتهم مدينة انواكشوط بأفلاذ كبدها من علماء أجلاء كالشيخ الخليل النحوي ووجهاء ووسطاء، أعضاء الفريق البرلماني للدفاع عن حقوق ومكانة المدرس برئاسة النائب مانه منت بوحبيني، منادين بوساطة تحلق في جو ملائم لتهبط على أرضية مشتركة، بغية استئصال الأزمة من جذورها، بعيدا عن التصعيد الذي شد الخناق على وزارة التهذيب، وأعيت معه كل محاولات الوزير لإنقاذها من حرجها الإعلامي، وقد ضاقت عليه الوزارة بما رحبت، وتحولت ثكنة عسكرية لا يأمن داخلها التفتيش….
وما كان لها أن تكون كذلك، لولا تحكم لوبي فاسد توغل في مفاصلها، بعد أن استتب له الأمر فيها، يصرفها كيف شاء

تلكم هي نظرة الناقمين – من مقدمي خدمة التعليم وغيرهم – على تعليق الاعتصام بتلك الطريقة المصطنعة في نظرهم

وقد حق لهم العتب والاستغراب، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ الاعتصام ولا نصبه، ولا معاناته ومرارته، وحجبت عنهم خفاياه ومراميه. وقد كان الأجدر بهم توفير عناء النصح والعتاب، بعد أن بخلوا به على المعتصمين منذ قرابة شهر أمام مرابع وزارة التهذيب الوطني الجدباء، فلم تغبرَّ لهم قدم في سبيل إيصال مطالب مشروعة شاهت لها وجوه المناضلين واسودت من شمس الظلم الحارقة
ولم يطأوا موطئا أغاظ عليهم صدور متنفذي وزارة التهذيب، ولا نالت منهم سياط الشرطة، ولا بطشها وتنكيلها بفتية حملوا همهم، واستماتوا في الدفاع عنه طيلة شهر من الزمن، لا يبتغون من ورائه جزاء ولا شكورا، ولا عيب فيهم سوى أنهم تبنوا السلمية في الاعتصام منهجا والترسيم شعارا

الشيء الذي لم تتعود عليه – بعد – صدور متنفذي وزارة التهذيب، فنادوا بالضرب والتنكيل، وقد عجبوا أن جاءهم منادي الترسيم من كل حدب وصوب، ودق عليهم ناقوس الخطر غير آبه بوعود زائفة، طالما اعتمدوها سبيلا لإغواء جموع من حملة الشهادات
تساقط عليهم وزارة التهذيب فتات رواتب زهيدة كتساقط أحلامهم الواحد تلو الآخر، أمام تجاهل الوزارة وصدها باب الحوار الجدي، بعد أن نضبت منهم العروق وجفت

ولاعزاء يسليهم عن مآسيهم تلك، إلا اتحاد الكلمة وصمودها شهرا كاملا عرَّت خلاله الوزارة من لبوس الإصلاح بوعوده الزائفة، وألبست المعتصمين لباس العز والكبرياء، وأبانوا لكل المراقبين حقيقة كانت تعتم عليها دهاليز وزارة التهذيب، وسطروا نموذجا يحتذي به المدرس الموريتاني المغلوب على أمره، ففيهم أسوة حسنة للمتأسي وعبرة للظالم المتجبر، يعتبر بها إن كان له قلب رحيم أو ألقى السمع والاعتبار لحقوق المهمشين

على المرء أن يسعى ويبذل جهده
وليس عليه أن يساعده الدهر

حقيقة راسخة، وصمود مثالي، وانتفاضة مشرفة، كانت خلاصة لاعتصام مقدمي خدمة التعليم، وشعارهم
“إن أريد ألا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبيب”

المعمر محمد أحمذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى