أقلام

مذكرات : اعتقال البعثيين الحرق و الجغوار تجربة السجن (الحلقة الرابعة )

 

التحقيقات في مقر القيادة العامة للهندسة العسكرية

لقد اعتقلت و بعض الرفاق في أغسطس ١٩٨١ و بعد سبعة أشهر تم اعتقال شامل للقيادات و الكوادر في انواكشوط و الداخل و بعد اتمام التحقيق مع القيادات
تم استجلابنا من العصابة حيث كنا موزعين بين باركيول و كنكوصه  و عند وصولنا لمقر الهندسة العسكرية الذي أصبح الآن مقر قيادة القطاع السادس العسكري وجدنا رفاق مرعوبين لهول المشاهد التي شاهدوا حيث اثنان من الرفاق محرقون بالنار مباشرة
هما “يمهل بن ختاري” و هو ابن عمي و”محمد حرمة بن محفوظ” صديق مقرب و وجدنا عناصر تصورت أنهم موجودون لإشاعة الذعر لدينا نحن القادمون من الداخل و كنا بالإضافة لي : “ممد بن احمد” و”محمدفاضل بن سيدي هيبة “و”التراد بن ديداه” و”محمد بن حماد” الأخيرين نسأل الله لهما المغفرة وبعد الاستماع لبعض المجريات طلبت منهم أن نتحدث لوحدنا و قلت لهم: أنني أتصور أن أكثر الأمور ستكون جعلت من مسؤولياتي و ليتبنوا نفس الخط فأكثر الأمور من مسؤولياتي و أنا أتحملها و أذكر أن “ممد” قال ما معناه أنه لا يجب أن يتحمل أحد إلا ما يجب أن يتحمل و لقد تركتهم يسهرون و خلدت إلى النوم و بعد يومين جاء المحققون و كانوا يضعون أقنعة على وجوههم بحيث لا نرى إلا أعينهم  وأخذتني الشرطة للتحقيق محمولا و مغطى الرأس و وضعوني قرب لمبه  ( بتروماكس) و نزعوا عن عيني الغطاء فنظرت إلى ساعتي تشير إلى الثامنة مساءا و بدؤوا يهددوني إذا لم أتعاون معهم و يوضحون أن الجميع اعترف علي و لقد عرفنا مهامك و كل مسؤولياتك و نحن مفروض علينا من الدولة تصفية وجودكم ولن نعذب إلا من رفض التعاون وطلبوا مني الجلوس فرفضت الجلوس قبل الرد عليهم فقلت لهم -وأرجوا أن يكونوا أحياء جميعا- :إنني أتحدث معكم ما لم تصدر بادرة سوء أدب ستعرفون ساعتها أن ليس بيننا كلام اما ما تدعوه من تكليف الدولة فليست هناك دولة و أنتم عناصر معروفون  لدينا  من حركات سياسية تنافسنا و لو كانت هنا دولة لما كلفتكم بالتعرض لنا  لما لذلك من خطورة لا يمكن تجاهلها فأمروا الشرطة بتغطية رأسي و إرجاعي إلى زنزانتي و استدعوني بعد ذلك مرات و كانوا أقرب إلى التعامل معي باحترام رغم اصرارهم على معلومات عن العسكريين يريدون أن يحصلوا عليها وفي نهاية كل الحاح لايظهرون تذمرا يلفت النظر و بعد أسابيع عملوا تغييرات وجاءوا بالرفيق “الخليل النحوي” و كانوا قد سألوني عن أشياء تخصه وكنت أقول لهم دائما أنه حسب علمي غير مطلع على أي شيء و في مساء بارد من أواخر آذار أو أوائل إبريل جائتني الشرطة و حملوني إلى وسط تجمع كبير لسيارات الاندرفير داخل القاعدة وجاءوا بالرفيقين “ممد بن احمد” و”الخليل النحوي” و جعلونا كيوم ولدتنا أمهاتنا بلا أي شكل من اللباس و وضعوني في وضع جاغوار الشهير و حزموني على عمود حديد أمام الرفيقين و وضعوني مصوب الرأس معلقا بين سيارتين و الرفاق أطال الله عمرهم يعلمون هل سمعوا مني شكوى أو أي صوت و لقد اطلعت على حديث للخليل عن هذه الظروف و اعتقدت أنه كشاعر لا يمكن إلا أن يحمل عن تلك الليلة الليلاء انطباعا لا تمحوه السنون و بعد فقد الوعي افقت والشرطة يصبون علي الماء وفي غاية الذعر لقد ظنوا أني هلكت و حملوني مبللا إلى المحققين و مغطى العيون و ارتعد من البرد لكنني تحاملت و اشبعتهم شتائم و أوضحت لهم نهاية الحديث معهم فنقلوني وانتهوا مني فيما بقى من فترة الاعتقال في عهد ولد هيدالة و بعد ذلك سأعيش تجربة أخرى في تاريخ آخر سنذكره إن شاء الله.

من مذكرات القيادي البعثي التراد سيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى